[size=18]جروحات الكنيسة والتأديب الكنسي
يقول اللاهوتي العظيم المعاصر واين جرودم في موسوعته (مترجمة للغة العربية) بماذا يفكر الإنجيليون؟ الجزء الثالث وهو يتناول موضوع التأديب الكنسي كجزء من مسئوليات الكنيسة نحو أعضاءها أن:
"الهدف من التأديب الكنسي هو الاستعادة والمصالحة. فأولاً استعادة المؤمن الذي ضل ورجوعه إلى السلوك الصحيح وثانياً مصالحته مع الله ونفسه والأخرين" ص47
فليس هدف التأديب الكنسي كسر الشخص أو التخلص منه بل اصلاحه واسترداده للشركة مع الكنيسة بعد تطويق الخطية ومنع انتشارها. فالـتأديب علاج لجروح الكنيسة لأن الخطية والانقسام تجرح الكنيسة كلها، أما التأديب فهو استعادة مجد الرب في وسط الكنيسة والحفاظ على طهارتها.
ولكن المشكلة أنه أحياناً نُنهي المشكلة بالأعتذار والمصالحة دون أن ينصلح الشخص المخطىء، وكما كتبا جون وايت وكين بلو في كتابهما "التأديب الكنسي الذي يشفي" والذي نُشر أولاً تحت اسم "شفاء الجرحى" فيؤكدان أن "المصالحة الحقيقية لا يمكن أن تحصل بدون تغيير في الأطراف المعنية"
فكلمة آسف لن تُنهي المشكلة طالما أن المخطىء متمسك بأسلوبه وبخطأه، ولذلك فعلى الكنيسة أن تُحدث المصالحة بالتأكد من تعهد المخطىء بأمانة على عدم تكراره للخطأ، وبمتابعة الكنيسة سلوك هذا الشخص وهل يكرر أخطاءه ام توقف عنها. وبذلك يستخدم الرب تأديب الكنيسة للمخطىء لشفاء الجروح في وسط الكنيسة بطريقة صحيحة. وهذه الجروح التي تُشفى هي جروح الشخص الذي تم الخطأ في حقه وجروح الكنيسة – جماعة الرب- التي اُسيء إليها من المخطىء.
فياليت الكنيسة تستعيد مجد الرب في وسط كنيسته بممارسة التأديب الكنسي، وفي ذات الوقت تُدرك أن هدف التأديب ليس تحطيم العضو بل استرداده. كما يجب أن تُطبق الكنيسة التأديب بصورة صحيحة فلا تتم المصالحة إلا بعد التأكد من تغيير سلوك الشخص المخطىء.
وليس أوضح مما كتبه الرسول بولس في رسالته الأولى لكنيسة كورنثوس أصحاح 5:
1 يُسْمَعُ مُطْلَقًا أَنَّ بَيْنَكُمْ زِنًى! وَزِنًى هَكَذَا لاَ يُسَمَّى بَيْنَ الأُمَمِ، حَتَّى أَنْ تَكُونَ لِلإِنْسَانِ امْرَأَةُ أَبِيهِ. 2 أَفَأَنْتُمْ مُنْتَفِخُونَ، وَبِالْحَرِيِّ لَمْ تَنُوحُوا حَتَّى يُرْفَعَ مِنْ وَسْطِكُمُ الَّذِي فَعَلَ هذَا الْفِعْلَ؟ 3 فَإِنِّي أَنَا كَأَنِّي غَائِبٌ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ حَاضِرٌ بِالرُّوحِ، قَدْ حَكَمْتُ كَأَنِّي حَاضِرٌ فِي الَّذِي فَعَلَ هذَا، هكَذَا: 4 بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ ¬ إِذْ أَنْتُمْ وَرُوحِي مُجْتَمِعُونَ مَعَ قُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ ¬ 5 أَنْ يُسَلَّمَ مِثْلُ هذَا لِلشَّيْطَانِ لِهَلاَكِ الْجَسَدِ، لِكَيْ تَخْلُصَ الرُّوحُ فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. 6 لَيْسَ افْتِخَارُكُمْ حَسَنًا. أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ خَمِيرَةً صَغِيرَةً تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ؟ 7 إِذًا نَقُّوا مِنْكُمُ الْخَمِيرَةَ الْعَتِيقَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا عَجِينًا جَدِيدًا كَمَا أَنْتُمْ فَطِيرٌ. لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا. 8 إِذًا لِنُعَيِّدْ، لَيْسَ بِخَمِيرَةٍ عَتِيقَةٍ، وَلاَ بِخَمِيرَةِ الشَّرِّ وَالْخُبْثِ، بَلْ بِفَطِيرِ الإِخْلاَصِ وَالْحَقِّ.
9 كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ فِي الرِّسَالَةِ أَنْ لاَ تُخَالِطُوا الزُّنَاةَ. 10 وَلَيْسَ مُطْلَقًا زُنَاةَ هذَا الْعَالَمِ، أَوِ الطَّمَّاعِينَ، أَوِ الْخَاطِفِينَ، أَوْ عَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَإِلاَّ فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا مِنَ الْعَالَمِ! 11 وَأَمَّا الآنَ فَكَتَبْتُ إِلَيْكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ مَدْعُوٌّ أَخًا زَانِيًا أَوْ طَمَّاعًا أَوْ عَابِدَ وَثَنٍ أَوْ شَتَّامًا أَوْ سِكِّيرًا أَوْ خَاطِفًا، أَنْ لاَ تُخَالِطُوا وَلاَ تُؤَاكِلُوا مِثْلَ هذَا. 12 لأَنَّهُ مَاذَا لِي أَنْ أَدِينَ الَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ؟ أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ تَدِينُونَ الَّذِينَ مِنْ دَاخِل؟ 13 أَمَّا الَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ فَاللهُ يَدِينُهُمْ. «فَاعْزِلُوا الْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ».
ثم ما قاله بولس للكنيسة في رسالته الثانية الإصحاح الثاني بعد تنفيذ التأديب وتوبة المخطىء توبة صادقة وواضحة:
وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ قَدْ أَحْزَنَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحْزِنِّي، بَلْ أَحْزَنَ جَمِيعَكُمْ بَعْضَ الْحُزْنِ لِكَيْ لاَ أُثَقِّلَ. 6 مِثْلُ هذَا يَكْفِيهِ هذَا الْقِصَاصُ الَّذِي مِنَ الأَكْثَرِينَ، 7 حَتَّى تَكُونُوا ¬ بِالْعَكْسِ ¬ تُسَامِحُونَهُ بِالْحَرِيِّ وَتُعَزُّونَهُ، لِئَلاَّ يُبْتَلَعَ مِثْلُ هذَا مِنَ الْحُزْنِ الْمُفْرِطِ. 8 لِذلِكَ أَطْلُبُ أَنْ تُمَكِّنُوا لَهُ الْمَحَبَّةَ. 9 لأَنِّي لِهذَا كَتَبْتُ لِكَيْ أَعْرِفَ تَزْكِيَتَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ طَائِعُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ؟ 10 وَالَّذِي تُسَامِحُونَهُ بِشَيْءٍ فَأَنَا أَيْضًا. لأَنِّي أَنَا مَا سَامَحْتُ بِهِ ¬ إِنْ كُنْتُ قَدْ سَامَحْتُ بِشَيْءٍ ¬ فَمِنْ أَجْلِكُمْ بِحَضْرَةِ الْمَسِيحِ، 11 لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ.
[/size]