حصاد عوضًا عن الجروحات
(راعوث 1: 19 - 22)
"فَذَهَبَتَا كِلْتَاهُمَا حَتَّى دَخَلَتَا بَيْتَ لَحْمٍ. وَكَانَ عِنْدَ دُخُولِهِمَا بَيْتَ لَحْمٍ أَنَّ الْمَدِينَةَ كُلَّهَا تَحَرَّكَتْ بِسَبَبِهِمَا، وَقَالُوا: «أَهذِهِ نُعْمِي؟» فَقَالَتْ لَهُمْ: «لاَ تَدْعُونِي نُعْمِيَ بَلِ ادْعُونِي مُرَّةَ، لأَنَّ الْقَدِيرَ قَدْ أَمَرَّنِي جِدًّا. إِنِّي ذَهَبْتُ مُمْتَلِئَةً وَأَرْجَعَنِيَ الرَّبُّ فَارِغَةً. لِمَاذَا تَدْعُونَنِي نُعْمِي، وَالرَّبُّ قَدْ أَذَلَّنِي وَالْقَدِيرُ قَدْ كَسَّرَنِي؟» فَرَجَعَتْ نُعْمِي وَرَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ كَنَّتُهَا مَعَهَا، الَّتِي رَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ، وَدَخَلَتَا بَيْتَ لَحْمٍ فِي ابْتِدَاءِ حَصَادِ الشَّعِيرِ.
يطالعنا الكتاب المقدس بقصة عظيمة في سفر راعوث وهي قصة نعمي السيدة الاسرائيلية التي عاشت مع زوجها اليمالك وأبنيها محلون وكليون في زمن القضاة وخاصة في عصر جدعون كما يقول بعض المفسرين، في ذلك الوقت كانت المجاعة منتشرة في كل أرض اسرائيل بسب الأعداء، فرأت هذه العائلة أن أفضل الخيارات هي الهجرة لموآب جنوب شرق نهر الأردن، حتى لو كانت هذه البلد وثنية (اختيار بشري منطقي دون الرجوع لله).
وفي موآب لم تعش نعمي (نعمة) فقط بكفاف الخبز حتى نهاية المجاعة في اسرائيل ورجوعهم لأرضهم بل زوجت ابنيها لبنتين من موآب- عرفة وراعوث - رغم أن هذا مخالف للشريعة اليهودية. وبعد فترة مات كل ذكور هذه العائلة فمات اليمالك ومحلون وكليون (هل هذا تأديب من الله؟!).
يذكر لنا الكتاب أن نعمي سمعت كيف أفتقد الله بيت لحم وأنتهت المجاعة فقررت العودة، وكحماة صالحة شجعت كنتيها على الرجوع لعائلتهما، ولكنهما في البداية رفضتا وأخيرًا تحت الالحاح رجعت عرفة لعائلتها والتصقت راعوث بحماتها ورافقتها لبيت لحم.
ويحدثنا السفر كيف أنهما دخلتا بيت لحم وقت حصاد الشعير وتلاه حصاد الحنطة، فبعد فترة جوع وغربة وذل وكسر وفراغ وضعف بلا ولي أو حماية أو سند يدخلا بيت لحم بيت الخبز فيجدا حصاد وشبع وحماية ورفعة وفيض وقوة وولي. فسني الجوع تتحول لسنة حصاد.
نحن الآن في شهر ديسمبر أخر شهور سنة 2014م ونودعها كغيرها من السنين، ولكن هناك كثير من الناس يتذكرون احداث مرت عليهم خلال هذه السنة مليئة بالجروحات مثلاً:
ذل، كسرة، جوع، ضيق، غربة، خسارة حبيب، خسارة مادية، عدم شعور بالأمان والحماية، الرفض والخسة وعدم تواجد ذو القربة والاصدقاء وقت الحاجة، الاستغلال من الغير أو تخليهم عنا.
فيشعرون بالأسى من هذه الجروحات، فحالتهم مشابهة لنعمي التي طلبت من شعبها ألا يدعوها نعمي لأنها في مأساة.
ولكن قصة نعمي هي أيضًا دعوة من الله بأن لا نُنهي هذه السنة بذكريات الجروحات، بل أن ندخل بيت لحم كما فعلت نعمي بيت الخبز حيث الافتقاد الإلهي لنتهي هذه السنة بالافتقاد والحصاد لا بالجروحات.
وأفضل بيت للخبز هو الكنيسة حيث المسيح خبز الحياة والكلمة المقدسة. وعندما ندخل سوف يكون بداية الحصاد حيث ستنتهي سنة 2014م وتبدأ سنة 2015م بالحصاد والشبع والنصرة والتعويضات والحماية والحياة الجديدة، فهذا عمل ولينا ومخلصنا العجيب يسوع المسيح....فهل ندخل إلى بيت لحم؟! فهل يتجدد رجائنا؟ فهل نستقبل الحصاد عوضاً عن الجروحات.