الابتعاد عن الله.... والجروح
عجبني مقطع في أحد الكتب الروحية يفسر تفسيرًا روحيًا ونفسيًا أسباب تكوين الجروح في الإنسان وأهمها الابتعاد عن الله، والمظاهر التي تظهر في سلوك الشخص المجروح، وأحب أن أقدمه لك عزيزي القارىء:
"إن ابتعاد الإنسان عن الله وتمركزه في ذاته ليخدم مصالحه الشخصية فوق كل شيء آخر يجعله لا يستطيع أن يحب حبًا صافيًا دون أنانية، بل يتوجه حبه لإشباع ذاته وليس لخدمة الآخرين. عندما يجعل كل واحد من نفسه إلهًا بانيًا لنفسه ملكوته الشخصي، فلابد أن تصطدم مصالح الأفراد وأطماعهم، ويصبح ملكوت كل فرد تهديدًا لملكوت الآخر.
هكذا تتحول حتى أقرب العلاقات الإنسانية إلى منافسة وصراع. والنتيجة الطبيعية للصراعات هي إصابات وجروح. وبدلاً من أن يستقبل الفرد حبًا من الآخرين، إذ به يواجه جروحًا وإساءات، يكون بعضها مقصودًا والآخر غير مقصود. وتختلف درجة الأصابة وعمق الجرح من شعور بعدم الاهتمام إلى شعور بالرفض أو العداء، ومن عدم التقدير والاحترام إلى الاحتقار والإهانة.
بذلك يعيش الفرد بنفس جريحة تنزف فتستنفد قواه النفسية، بل حتى الجسدية. وتتناقص قدرته على الحب والعطاء، فإما أن ينكمش في أعماقه وينسحب حماية لنفسه من جروح إضافية، أو أن يصبح في مرارة قلبه خشنًا، عدوانيًا في كلامه أو أعماله.
إذا لم تضمد جراح هذه النفس الجريحة، فإنها تزداد تقيحًا فتصبح النفس نفساً مريضة تلازمه وتعبر عن نفسها في مواقف الحياة ودوائر العلاقات الإجتماعية المختلفة. إننا نجد بين الأفراد، بدرجات مختلفة، السلبي، والمتشائم، والسوداوي، والخشن الألفاظ، والسليط اللسان، والمُلح، والضعيف، والناقد، والمسيطر، والغضوب، والمكتئب."
مقطع من كتاب
قوى التغيير
الدكتور القس/ ناجي موريس