جميعُنا نستغرب قدرة الطبيب على رؤية منظر الدماء، والتي إذا رأها أي منا من المحتمل أن يحصل له إغماء، ولكن تكرار الأمر يجمد رد فعل المشاعر.
فالطبيب مع تكرار استخدامه للمشرط، وتقطيعه للأجساد، ورؤيته للدم يتعود على ذلك ولا ينفعل معه. وليس الطبيب فقط، لكن الجزار في عمله، وتكرار استخدامه للسكين ورؤيته للدماء تؤدي إلى تجمد مشاعره نحو هذا المنظر. وهكذا القتله أيضًا، فمع تكرار تجربة القتل ورؤيتهم للأعضاء البشرية والدماء بصورة متكررة تتجمد مشاعرهم ولا تتأثر.
فالطبيب الشاب في بداية عمله، والجزار الصغير وهو يتدرب على العمل، والقاتل وهو يرى أول قتيل له غالباً ما يحدث لهم أغماءات أو على الأقل تأثر للمشاعر، ولكن يختلف الأمر بعد التكرار.
ويقول علماء النفس عن ذلك: "كثرة رؤية الدم والقتل في نشرات الأخبار يجعل الشخص متبلد الإحساس؟؟؟ فبسبب التنميط للأحداث والتعويد يحدث ذلك، فأول مرة ليست كثاني مرة وليست كثالث مرة".
وهناك دراسة عن الطائفة الشيعية وعلاقتها بالدم تقول الآتي:
"أن الشيعة لجئوا إلى اللطميات والحفلات الجماعية التى يقوم عليها متخصصون يستمعون فيها إلى قصة استشهاد الحسين ويمارسون اللطم والتطبير وهو ضرب الرءوس بالجنازير والأمواس والشفرات الحادة، وهذه الممارسات عمقت من ناحية انتماء العوام للمذهب ومن ناحية أخرى دربتهم عمليًا على الذبح والقتل وتعود رؤية الدماء على نحو جعل من ممارسي هذه الشعائر كتائب وحشية جاهزة للإنطلاق في أية لحظة تغتنم فيها الفرصة، فإن سألت أي متخصص نفسي ما هي النتيجة الطبيعية لشخص يسيل الدماء من نفسه وجسده بطريقة وحشية كالتي تجري في التطبير، وتعوده على منظر الدماء، سيكون الجواب أن هيبة الدماء والرحمة على الخلق تغادر القلب إلى غير رجعة بل يتعدى الأمر ذلك إلى الإصابة بمرض نفسي شهير وهو عقدة "السادية" وتُعنى التمتع بمنظر الدماء والأشلاء، واكتشف الأطباء هذه العقدة في القرن السابع عشر عندما أصيب بها أحد النبلاء الأوربيين واسمه ( دى ساد ) فسميت باسمه".
أما على المستوى النفسي فالشخص الذي يتعود جرح الآخرين ويشعر أحيانًا أنه أنتصر بهذا، فمع تكرار جرحه لمن حوله تتجمد مشاعره، وتصبح القساوة طبيعته، ويصبح تجريحه للآخرين منهج وعادة، ورؤيته لنفوس تتحطم أمامه لذة ممتعة.
فهذه دعوة لكل عضو في كنيسة يحاول أن ينتصر في أي موقف على من حوله بالتجريح، أن أول الخاسرين هو أنت.... لأنه مع الوقت والتكرار والعادة ستصبح هذه هي شخصيتك التى لن تستطيع التخلص منها، والتي ستصبح نهج حياتك حتى مع أسرتك وأصدقائك وأحبائك، مما سيجعلك أنت نفسك تخسر خسائر جمة لا يمكن تعويضها حتى بعد الشعور بالندم وأكتشاف خطورة هذا السلوك.
فهيا بنا نُعطي المجال مرة آخرى لطبيعتنا الجديدة التي اخذناها من المسيح، المتسمة بـ (اللطف، الوداعة،التواضع، المحبة)، فنرجع مرة آخرى إلى إنسانيتنا.
القس/ جوزيف موريس