"فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت" (تك3: 12)
من أول شخص جرح الأخر في تاريخ البشرية؟
كما أن آدم يُعتبر أول الخليقة هو أيضًا يُعتبر أول الجارحين في تاريخ الإنسانية.
ففي سفر التكوين الأصحاح الثالث وبعد أكله هو وحواء زوجته من الشجرة الُمحرمة (شجرة معرفة الخير والشر) وأختبائهما من الله، يسأله الله: هل أكلت من الشجرة....؟ فكان رد آدم الصادم أنه حاول الهروب من المسئولية بالقائها على شخص آخر فرد على الله قائلآً: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت.
وهنا هرب آدم من المسئولية ومن الأعتراف بالخطأ بأن القى مسئولية ما حدث على أثنين، الأول: زوجته والتي قال عنها سابقًا في الأصحاح الثاني (عظم من عظامي ولحم من لحمي) عندما رد على سؤال الله قائلاً: "المرأة........هي أعطتني من الشجرة فأكلت".
الثاني: الله والذي خلقه على صورته والذي جهز له الجنة وجعله رأسًا للخليقة، وعندما وجده وحيدًا خلق له حواء، فكان رده: ".....التي جعلتها معي..."
وكأن آدم يقول أن الله هو السبب الأول في سقوطه لأنه هو الذي أعطاه حواء وجعلها معه. وأيضًا يقول أن حواء هي الأخرى السبب في سقوطه لأنها هي التي أعطته من الشجرة.
فلنتخيل الأن شعور الله بعد سماعه هذا الرد... بل هذه التهمة، فبعد ما فعله الرب لآدم من أعمال محبة ورعاية يجده يتهمه هذه التهمة...فأي جرح شعر به الله في ذلك الوقت. فكم ممن الأوقات نجرح نحن قلب الله عندما نهرب من مسئولية أخطائنا ونلقيها عليه فنقول ببجاحة أن سبب أخطائنا هو (القدر، المقدر والمكتوب، القسمة والنصيب، - أو بلغة المؤمنين- إرادة الله) وكأن الله هو الذي قادنا للخطأ لا نحن.
ودعونا أيضًا نتخيل شعور حواء بعد سماعها زوجها وحبيبها ورفيقها الوحيد في هذا الكون يُلقي مسئولية السقوط والدمار والموت والضياع ببساطة عليها هي، هي التي أعتقد وهذا استنتاج أنها أكلت من الشجرة لتصير مثل الله كما قالت الحية لها ولكن.... لا هي.... بل زوجها... الرأس.... هو الذي سيربح هذا المنصب والمجد ليصبح ...إله ...وهي ستكون فقط السيدة الأولى... زوجته، بل أنها أعطته من ثمرة الشجرة لأنها تحبه وتريده أن يشاركها كل شىء، فهي عندما أعطته ليأكل لم تكن تفكر في آذيته بل في فائدته وفي وحدتهما كزوجين، فأي خيانة بل جرح شعرت به حواء من آدم.
فكم من المرات نجرح أحد أحبائنا رغم كل ما قدموه لنا من حب وتضحية فقط لنهرب من مسئولية تحمل أخطائنا، فنلقي اللوم دائمًا على الأحباء قائلين (فلان السبب، أو هذا رد فعل لما فعله، أو لولا وجوده في حياتي لما حدث هذا).
فآدم بحق أول الجارحين، والله هو وحواء أول المجروحين.
فهل نخرج من عباءة ابونا آدم، ونتخلص من هذا الأرث الذي ورثناه من منه ولا نلقي اللوم على الله أو الأحباء في وقت أخطائنا بل نعترف بها ببساطة ونكون موضوعيين بل أمناء، ويكفي أخطائنا التي نفعلها فليس هناك ما يدعو أن نُزيدها بأن نجرح أيضًا من حولنا.
القس جوزيف