جروح أكتشاف الذات
هناك قصة تقول: أنه كان هناك شخصًا لا يعرف بوجود المرآة ولم يرى نفسه فيها من قبل، وكان يرى في نفسه أنه أجمل شاب في الوسامة والأناقة، فهو جميل حقًا لا عيب فيه كما كان يقول دائمًا عن نفسه. وكان هذا الشاب يشعر أن من حوله يسخرون منه مباشرة أو في الخفاء ولكنه أوعز هذا إلى حقدهم عليه وغيرتهم منه. وفي أحد المرات زار شخصًا يملك مرآة ولأول مرة هذا الشاب أستعد ليرى ذاته، لا كما كان يظن بل كما الحقيقة التي ستعكسها المرآة. وعندما نظر لأول مرة .... فزع وصرخ صرخة شديدة وشعر وكأن هناك جرح في داخله كطعنة سكين.....لماذا؟ لأنه رأى وحشًا لا إنسان. فالحقيقية أنه كان بشعًا مشوهًا ليس له أي علاقة بالجمال أو الأناقة.
هناك جروح كثيرة يتعرض لها الإنسان من الآخرين، وهناك جروح يسببها الإنسان لنفسه في عدم وعيه أو في عبوديته للشيطان، لكن هناك نوع أخر من الجروح نستطيع أن نسميها الجروح الحميدة، وهي جروح أكتشاف الإنسان لنفسه ولحقيقة ذاته.
كل إنسان يرى نفسه أنه أفضل وأعظم وأنبغ شخص عرفته الكورة الأرضية، ويعيش بهذه الخدعة سنوات قلت أو كثرت من عمره حتى تأتي لحظة التي يكتشف فيها حقيقية ذاته عن طريق نفسه أو الأخرين، من خلال بحثه هو لتطوير ذاته أو بواسطة مواجهة الناس له بقصد بناءه أو هدمه. المهم أن النتيجة النهائية هي أكتشافه لحقيقة ذاته. فهو ليس الأعظم أو الأفضل ولا هو النابغة التي تتحرك بأرجل على الكورة الأرضية، بل أحيانًا يكتشف أنه ليس فيه أي نوع من العظمة ولا هو أفضل في أي شيء، والنبوغ الذي كان يراه في ذاته يكتشف أنه هو الجهل بكل معنى الكلمة.
هنا يكون الجرح شديد وأشد من جرح الأخرين له، وهذا الجرح يأتي لأنه:
1- أكتشف أنه مخدوع ولسنوات عديدة.
2- أكتشف أنه أسوأ مما كان يعتقد.
3- أكتشف أن كل من حوله كانوا ساخرين من نظرته إلى ذاته أو على الأقل مستغربين.
هذا الجرح نتيجة هذا الأكتشاف يقود إلى نوعين من رد الفعل أما تمسك الشخص بنظرته لنفسه، ويدافع ويقاتل عن ذلك لأنه لا يتصور أنه كان مخدوعًا كل هذه السنين، أو يعرف من هو وحقيقة نفسه ويتقبل ذاته بعيوبه ويبدأ في البحث عن معونة لتطوير ذاته وأصلاح عيوبها.
من أين يأتي الإنسان بمعونة لأصلاح أخطاءه وتطوير ذاته؟
1- من الله:
فنعمة الله من خلال الروح القدس والمقاييس الإلهية في الكلمة المقدسة تستطيع لا أن تُظهر للإنسان سوءه فقط كالمرآة، بل أن تساعده ليتغير ليكون مشابهًا لصورة يسوع.
2- القادة والمرشدين والأصدقاء الأمناء:
هم أيضًا يستطيعون أن يكونوا أدوات مستخدمة من الله لمعاونة الشخص في الصراع والجهاد ضد عيوبه الذاتية ليتغير للأفضل وكما عملت نعمة الرب فيهم سابقًا تعمل أيضًا في هذا الشخص الذي يساعدونه، وهم أجدر لأنهم مروا بنفس التجربة واستقبلوا نفس النعمة والمعونة.
فهذه دعوة لنترك تصوراتنا عن أنفسنا وننظر في مرأة الكلمة المقدسة، وعندما نكتشف عيوبنا ونشعر بذلك الجرح نسأل معونة الرب والمؤمنين الأمناء المؤهلين لمساعدتنا. بعد هذا يبدء الإنسان بداية جديدة .. بداية يعرف فيها بالحقيقة من هو، ويعرف فيها أيضًا دور الله في حياته.