جروح الماضي وتأثيرها على القرارات
لا شك أن قرارات الانسان تحدد سعادته ونجاحه، فهناك قرار صحيح يرفع صاحبه وهناك قرار خاطىء يدمره، لذلك فمعرفة الأشياء التي في إمكانها أن تؤثر على القرار ومدى صحته من الأهمية التي دعت كثير من متخصصي هذا المجال للبحث فيه.
ولقد وجد الباحثون أنه من أهم المؤثرات على قرارات الإنسان هو ماضي هذا الإنسان وما يحمله من ذكريات وخبرات جميلة أو سيئة، وبصفة خاصة الجروح التي يحملها.
دعونا اولاً نعرّف القرارات: تعني كلمة قرار البت النهائي والإرادة المحددة لصانع القرار بشأن ما يجب وما لا يجب فعله للوصول لوضع معين وإلى نتيجة محددة ونهائية.
ولنرى بعض العوامل المؤثرة في اتخاذ القرار بصفة عامة:
1. الأهداف:
مما لا شك فيه أن أي قرار يتخذ وينفذ لابد وأن يؤدي في النهاية إلى تحقيق أهداف الإنسان المتخذ القرار، فأهداف الإنسان هي محور التوجيه الأساسي لكل العمليات التي سيقوم بها، لذلك فان بؤرة الاهتمام في اتخاذ القرار هي اختيار أنسب الوسائل التي يبدو أنها سوف تحقق أهداف الإنسان التكتيكية أو الاستراتيجية.
2. الثقافة السائدة في المجتمع:
تعتبر ثقافة المجتمع وعلى الأخص نسق القيم من الأمور الهامة التي تتصل بعملية اتخاذ القرار، فالإنسان لا يتكون من فراغ ولا يعيش بمفرده إنما يباشر نشاطه في المجتمع وللمجتمع. ومن ثم فلا بد من مراعاة الأطر الاجتماعية والثقافية للمجتمع عند اتخاذ القرار.
3. الواقع ومكنوناته من الحقائق والمعلومات المتاحة:
لا يكفي المحتوى القيمي أو المحتوى الأخلاقي كما يسميه البعض بل يجب أن يؤخذ في الاعتبار الحقيقة والواقع وما ترجحه من وسيلة أو بديل على بديل.
4. العوامل السلوكية:
يمكن تحديد الاطار السلوكي لمتخذ القرار في ثلاثة جوانب هي:
الجانب الأول: ويتعلق بالبواعث النفسية لدى الفرد ومدى معقوليتها والتي يمكن من خلالها تفسير السلوك النفسي للفرد في اتخاذ قراره.
الجانب الثاني: ويتصل بالبيئة النفسية للفرد حيث تعتبر المصدر الأساسي الذي يوجه الشخص إلى اختيار القرار من بين البدائل التي أمامه، ومن ثم كان اتخاذه له.
الجانب الثالث: دور التنظيم ذاته في خلق البيئة النفسية للفرد من خلال:
• تحديد الأهداف له.
•اتاحة الفرص للممارسة اتخاذ القرار.
•المعلومات والبيانات والبدائل المتاحة.
•اسناد المسؤوليات له مع منحه القدر اللازم من السلطة.
من الجانبين الأول والثاني يظهر تأثير الجروح ومنها بالطبع المشاعر السلبية للشخص نحو نفسه أو الأخرين، لذا من المهم أن نفكر في الجروح الناتجة عن المشاعر السلبية:
تعلم التعامل مع المشاعر السلبية:
اكتشاف المشاعر المكبوته هو 50% من العلاج والخطوه الاهم هي تعلم كيفيه التعامل مع هذه المشاعر السلبية. ان الشعور بالتعاسه هو ليس حالتنا الطبيعيه وماولدنا من اجله لذا من المنطقي عندما تراودنا مشاعر سلبيه ان ندرك ان ذكائنا الداخلي يخبرنا باننا نحتاج ان نفعل شي ما بشكل مختلف.
فسلبيتنا لاتجرح احد سوانا لذلك كل علاقاتنا توجد فقط في رؤوسنا فعلاقتك بالاسره لاتوجد داخل المنزل انها في عقلك وعقولهم لذلك من السهل اصلاح ايه مشكلات في علاقاتنا في عقولنا كذلك فالعقل الباطن لايميز بين الخيال شديد الخصوبة والواقع.
ويمكننا وصف المشاعر بانها احاسيس قويه يمكن ان يكون لها تأثير كبير ( ايجابي او سلبي ) على كل من حالتنا العقليه والجسديه , فكر في وقت راودتك فيه مشاعر قويه عن حدث او شخص ماذا كان شعور جسدك في ذلك الوقت .؟
كذلك يقال ان المشاعر تمثل طاقه متحركه فهي ليست كالافكار ففي البدايه نشعر بها خلال اجسادنا ولكننا وعلى الرغم من ذلك نفسر مشاعرنا باستخدام افكارنا ونكسبها توصيفات قائمه على قيمنا ومعتقداتنا وخبراتنا ووفقا للطريقه التي نقرر تفسيرها بها يمكن للالام التي نعانيها في معدتنا ان تمثل السعاده او الخوف اجسادنا تخلق الشعور ولكن شخصياتنا هي التي تقوم بالترجمه والتفسير وسواء كان التهديد حقيقي ام لا فان المشاعر التي تراودنا تكون حقيقيه والشعور يسبق الفكره وللاسف نحن لانستطيع اختيار مشاعرنا ولكننا نستطيع ان نعالج انفسنا بقوة وسرعه من خلال اتخاذ القرارات بالتخلص من الرابط الذي يربطنا بمشاعرنا.
ومما لاشك فيه ان المشاعر السلبيه تؤثر في سلوكياتنا بطرق سلبيه لذا فان معرفه كيفيه التعامل معها ونسيانها هو امر في غايه الاهميه فالخطوه الاولى هي تاسيس علاقه جيده مع نفسك وثانيا فهم حب نفسك بمعنى ان تتقبل ذاتك والى ان تتقبل ذاتك ستكون دوما في صراع.
كيف تغير انماطا سلبيه تهيمن على سلوكياتك ؟ وذلك بأخذ شكل حوار تخيلي بينك وبين الشخص الذي سبب لك الم ولانك ستشعر وبشكل طبيعي انك منخرط في حاله مختلفه بعض الشي من الوعي عندما تقوم بالامر فما سيبدو لك غريبا عند قراءتك عنه سيصبح منطقيا عند التنفيذ الفعلي لاتقلق فالحاله المختلفه من الوعي تشبه احلام اليقظه الى حد كبير.
العميله تتكون من ( التعبير عن الغضب – المسامحه – القبول – الحب غير المشروط – التحرر)
اولا: التعبير عن الغضب والفرح والحزن :
ننزع في العاده الى كبت غضبنا وشعورنا بالجرح مما يؤدي الى بزوغ اثر في عقولنا واجسامنا فلأننا لانرغب بتفحص سبب مانشعر به من ألم فاننا نسعى الى تجنبه ومع ذلك فان دفن هذه المشاعر في مكان عميق بالداخل لايمنع اثرها من ان يطولنا وعلى الرغم من مشاعر الغضب والحزن والجرح لاتعد مشاعر سلبيه في حد ذاتها الا انه في حاله عدم تحريرها تتحول الى مشاعر سيئه وتبث فينا احساسا بالمراره وذلك الاحساس هو الذي ينال منا من خلال احداث تآكل في جوهرنا والذي لايؤثر فقط على شخصيتنا وانما على سلوكياتنا كذلك والاسوأ من ذلك انه مع مرور الوقت تتسرب مشاعر الغضب والجرح والحزن التي ظلت مكبوته الى اجسادنا مسببه لنا ألما جسديا والالم الجسدي النفسي حقيقي على الرغم من انه كان يستعمل كاصلاح لاقناع شخص ما ان ألمه يوجد في عقله فقط ولكن التعريف الامثل للألم الجسدي والنفسي هو ( الألم الذي ينشأ في العقل او الروح ) وللاسف في ظل ثقافه العصر عادة مايتم تشجيعنا على عدم التعبير عن مشاعرنا , فكر في الامر للحظه عندما يكون شخص ما حانقا على نحو واضح فان اول شيء نحاول فعله هو محاوله اثنائه عن البكاء من خلال اضحاكه وعندما يبكي الناس من حولنا براودنا شعور سيئ ولهذا السبب نبذل قصارى جهدنا لابهاج شخص حزين اما السلوك الاقل انانيه او الافضل هو تشجيع شخص ما على التعبير عن مشاعره وربما يجب ان تعلم كذلك انه اذا ما استحثك حزن شخص ما على الاحساس بنفس الشعور فانت تضمر ايضا بداخلك بعض الألم المكبوت فمشاعر الاخرين لاتثير مشاعرك الا اذا كنت تضمر بداخلك نفس المشاعر التي تراودهم
ثانياً : المسامحه:
المسامحه ليست شي يغمرك ببساطه بعد مضي فترة من الوقت في الواقع لايعد الوقت مداويا للجروح فنحن فقط من نستطيع اتخاذ هذا القرار وفقط حينما نقرر مسامحة الاخرين او حتى انفسنا نتحرر من السلبيه ونتيح لانفسنا الفرصه للنمو حتى نختار المسامحه ستظل مشاعرنا السلبيه توجه سلوكياتنا الامر الذي بدورة يؤثر على طاقتنا حينما نضمر السلبيه تصنع حولنا شبكه داكنه من الطاقه والتي تمنع نورنا الداخلي من الظهور , والمسامحه لاتعني الصفح وهي بالتأكيد لاتعني ادارة خدك الايسر للمسيئ اليك فنحن نسامح كي نحرر انفسنا فالمتضرر الوحيد من غضبنا وجروحنا هو نحن وليس شخص اخر
ثالثا : القبول:
كما ان المسامحه قرار فالقبول ايضا هو قرار , فهو يعني ان نتقبل مايحدث وماحدث وهو يعني كذلك اننا نختار رؤيه الموقف دون اضافه قصتنا عليه القبول لايعني اننا نغفر ماحدث او اننا لاينبغي ان نبذل قصارى جهدنا لضمان عدم حدوث نفس السيناريو مجددا في المستقبل وهو بالطبع لايعني السماح للاخرين باهانتنا والمسامحه والقبول اللذان يسيران جنبا الى جنب يساعدنا على التحرر من الجبال السلبيه للاستياء والغضب في الحقيقه عندما نقبل انفسنا بشكل كامل تزداد رغبتنا في منع الاخرين من اساءه معاملتنا
رابعا الحب :
الحب هو اعظم علاج وتذكر ان مضاد الحب ليس الكراهيه وانما الخوف فمصدر كل سلبياتنا هو مخاوفنا انفسنا والحب هو الترياق , ان نوع الحب الذي اتحدث عنه ليس حب القلوب والزهور وانما ذلك الذي يقود للمسامحه وقبول وتقدير شخص ما لشخصه حتى لو كانت سلوكياته تختلف عن تلك التي ننتهجها هذا الحب غير مشروط ولا ينطوي على اصدار احكام حينما نحب حبا غير مشروط فنحن نرغب في الافضل للطرفين ولانحمل أي شعور بالحسد او الغبطه ازاء نجاحه الحب الغير مشروط هو شرط الشعور بالسعاده ناهيك عن التنوير وكما يقال لعلاج العالم كل ماتحتاج اليه هو علاج نفسك ولن يتم العلاج الا بنشر الحب الغير مشروط
خامسا التحرر:
الخطوه الاخيره هي التحرر والانسلاخ والتي تعد قرارا , ليس بمقدورنا تغيير الماضي ولكن باستطاعتنا تغيير مشاعرنا حول الماضي واتخاذ قرار بالتحرر من سلبياتنا ليس بالامر السهل دوما ولكنه الوسيله الوحيده لنحرر انفسنا ونتخلص من الذكريات السلبيه ونخرج من تحت سطوتها بدلا من اهدار الوقت على الشعور بالمراره
استخدم العمليه مع نفسك:
بعض الاحيان نكون بحاجه لمسامحه انفسنا اكثر من مسامحه أي شخص اخر فنحن عادة ما نوقع على انفسنا اشد العقوبات والاحساس بالذنب والشعور بالخزي بالاضافه الى غضبنا لكوننا غير مثاليين يحفزنا لبدء دائره مفرغه من جلد الذات ومحاسبتها.