جَ – رَ- حَ
كلمة صغيرة من ثلاثة حروف هم: الجيم والراء والحاء. ولكنها عظيمة في تأثيرها وتبعياتها.
وإذا أُعيد ترتيبها فمن الممكن أن تكون حَجْر أو حَجَرْ أو حرج أو رجح.
فالجرح يسببه إما حجر يُرمى أو حرج يُضع فيه الشخص أو حجر على حرية واراء الشخص، فهو جرح مادي أو نفسي. فتأثير الجروح يكون عظيم على نفس الإنسان، والأصعب هو تبعيات هذه الجروح من حزن وعدم غفران وكراهية وانتقام وتغيير في كثير من مبادىء الشخص الذي كان يؤمن بها وتغيير في شخصيته بل أيضًا عدم الثقة في الله أو إلقاء اللوم عليه.
والعلاج أو بالأحرى الوقاية تكون برجاحة العقل. فالعقل الراجح والحكيم ينأى عن آذية الأخرين وجرحهم، ويميل إلى مساعدة الناس وتدعيمهم.
ولكن السؤال الهام من أين يأتي الإنسان بالعقل الراجح. الم يتشوه العقل بسقوط الإنسان وتمرده على الله؟! الم يظلم العقل ويصاب بالعمى من إله هذا الدهر؟! "الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ." (2كو4: 4ا) لم يتسم عقل الإنسان بالجهل حتى أنه يقود الإنسان ليقول في قلبه أنه ليس إله؟! "قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلهٌ». فَسَدُوا وَرَجِسُوا بِأَفْعَالِهِمْ. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا." (مز14: 1)
فالعقل الإنساني الطبيعي يجهل ويرفض مالروح الله. وهو لا يفهم أمور الله التي أحيانًا تكون مرتفعة عن هذا العقل وليست ضده. " وَلكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ، وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيًّا. " (1كو2: 14) فالحل هو أن تستنير عيون الذهن. "مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ،" (أف1: 18) لكن كيف يكون هذا؟! الحل هو عمل الروح القدس الذي يُخضع الذهن لله فيستنير ويفهم مالله فيصبح عقلاً راجحًا.
وهذه الاستنارة التي يفعلها الروح القدس تأتي بقبول الشخص للرب يسوع ربأ ومخلصًا وسيدًا على كل كيانه بما فيه الذهن.
فالوقاية والعلاج لمسألة الجروح بأنواعها تكون بتحول العقل إلى عقل راجح بالتجديد وبالروح القدس.
ولكن هناك سؤال يطرح نفسه، هل هذا معناه أنه ليس هناك جروح بين المؤمنين وداخل الكنيسة، الم يجرح بطرس الرب بانكاره اياه، الم يجرح مؤمنين كنيسة كورنثوس في اليونان بولس بأنكارهم رسوليته واتهامهم اياه بالضعف.
نعم فالمؤمنون أيضًا يجرحون بعضهم البعض .... وذلك لأنهم مازالوا في الجسد، وإذا لم يحيوا حياة الملء بالروح القدس حيث يسود الروح القدس سيادة كاملة على ذهنهم ومشاعرهم وإرادتهم فبسهولة تظهر الطبيعة العتيقة لتجرح وتؤذي. وإن كان عل كل حال المؤمنين أهون كثيرًا من الأشرار في جرحهم للآخرين، فالمؤمن الحقيقي ينخس الروح قلبه عند الخطأ فيتوب ويعترف بذنبه ويتراجع عنه.
فهذه دعوة لنتحول من التجريح إلى رجاحة العقل بالروح القدس.