منتدى جروحات
مقالة مايو 2014م
هل يمكن للجروح أن تقود للإلحاد؟
كُثر الكلام في هذه الأيام عن الألحاد والملحدين في مصر أي إن كانت خلفيتهم الدينية، وهل هم ملحدين فعلاً أم مجرد لا دينيين، ولماذا يصل إنسان إلى رفض فكرة وجود الله أو على الأقل محاولة ازاحته من الصورة ليصبح مجرد متفرج على العالم أو إله خلق ولا يرعى ما خلقه.
وبالبحث عن سبب الإلحاد في مصر وجد الباحثون أنه ليست القناعات الفكرية والفلسفية والعلمية هي السبب الرئيسي لأن من الواضح أن المستوى العلمى والثقافي عندنا محدود إذا كنا نخجل من أن نقول معدوم. ولكن السبب الرئيسي هو الجروح، فهي السبب الاساسي للإلحاد في مصر!
ولكن أي نوع من الجروح هذا الذي تسبب في انتشار موجة الإلحاد واللادينية في بلد من أكثر البلاد التي تتشدق بتدينها (الاسلامي أو المسيحي) بل أن ذروة انتصار الدين فيها هو وصول الدين لكرسي الرئاسة المصرية ومقاعد البرلمان فيها؟!
هذه الجروح هي جروح الصدمة في رجال الدين وفي المؤسسات الدينية ككل. وأعظم نموذج لهذه المؤسسات هو جماعة الأخوان المسلمين. رجال الدين الذين اقنعوا الناس انهم هم الدين وهم ممثلين الله، وادعوا انهم سيغيروا وجه الارض حين وصولهم للحكم باسم الله ودينه. وبعدما وصلوهم للحكم، وخلال سنة واحدة لا غير، اكتشف الناس الحقيقية التي جرحتهم جرح غائر وصدمتهم صدمة مدوية ان هؤلاء الممثلين لله والمسئولين عن دينه ليسوا الا مجموعة من الكاذبين الدمويين السارقين والذين يعملون لاجل مصلحتهم الشخصية وبكل الوسائل الشريفة او غير الشريفة، وان استخدام اسم الله او الدين ما هو الا ساتر للوصول لمآربهم.
من هنا كان الجرح العميق والذي اثر بصفة خاصة في شباب مصر البريء والحالم. هذا الجرح الذي قاد كثير من الشباب في مصر للتفكير في حقيقة وجود الله اصلاً (ليس الإله الحقيقي الذي يُعلن عن ذاته ولكن الإله الذي رسم رجال الدين صورته) ومن هنا قرروا انه لا يوجد إله وأن الله كذبة كبيرة. فالحدوا وكان للبعض منهم الشجاعة بأن يعلن عن إلحاده علنية وبقوة وتحدي لكل من ينتمي لإله او لدين. والبعض الأخر من الشباب ونتيجة الجرح هذا ولكن بسبب تربيتهم على وجود إله وعدم قدرتهم على الاقتناع بأن هذا الكون خُلق صدفة أو خلق نفسه بنفسه قرروا أن الله موجود وأنه حقيقة لكن هذه الأديان هي الكاذبة وان رجال الدين هم صانعوها ويديرونها لمصالحهم لذا انكروا الاديان واصبحوا لا دينيين. وهذا الموقف من الأديان للأسف سوف يقودهم يومًا لانكار الله ايضًا وتحولهم للالحاد.
والسؤال المهم لنا هل هذا يحدث للشباب المسيحي، وهل هناك شباب من الكنيسة يمكنهم ان يصبحوا ملحدين أو على الأقل لا دينيين؟
اتذكر فترة ما حدث شبه هذا الأمر في دوائرنا المسيحية في تسعينات القرن الماضي عندما أصبح كثير من الشباب خارج الكنيسة ودعوا أنفسهم أنهم لا كنسيين (أي لا ينتمون لكنيسة محددة) ثم بعد فترة تطور الأمر ودعوا أنفسهم لا طائفين (أي لا ينتمون إلى طائفة محددة). وعندما كنا نسأل ونبحث عن سبب هذا الأمر كانت الإجابة أن السبب الرئيسي هو الجروح الكنسية والعثرات التي تعرض لها هؤلاء الشباب. ومن اللاكنسية إلى اللاطائفية إلى اللادينية إلى اللاإلهية يضيع الشباب وتهلك النفوس.
وما يهمنا الأن ككنيسة أن نفكر في هؤلاء الشباب لنبحث عن اسباب ضياعهم بهذه الطريقة. ونقوم نحن بدورنا ليس تجاه من ضل فقط بل أيضُا من هم داخل الكنيسة أيضًا، ونصلي لله أن يقوموا هم أيضًا بدورهم فيجدوا الحق والحقيقة، مع ثقتنا بأن الله لا يقصر أبدًا في دوره في البحث عن هذه النفوس. ولكن ماهو دورنا؟
1- يجب أن نعترف بأننا جزء من المشكلة حتى وإن كنا ليس كل المشكلة ونبحث عن علاج لتقصيراتنا.
2- يجب أن لا نحتقرهم أو نكفرهم بل نحبهم ونحتضنهم.
3- نصلي لأجل هؤلاء الشباب ان يعرفوا الحق فالحق هو الذي سييحررهم.
4- نعالج الجروح داخل الكنيسة والعثرات حتى نغلق أكبر باب يقود الشباب للوصول للإلحاد.
5- محاولة فهم مايدور في ذهن الشباب ومعرفة طبيعة مرحلتهم وعصرهم والاسئلة التي تشغلهم.
6- محاولة إيجاد إجابة عن اسئلتهم فالاستعداد لمجاوبة كل من يسئلنا عن سبب الرجاء الذي فينا هو وصية كتابية.
7- تثقيف أنفسنا لنستطيع أن نباري ما يعرفه هؤلاء الشباب في عصر الانترنت والستلايت.