منتدى جروحات
مقالة ديسمبر 2013م
جراح بابا نويل
هذا الشهر هو الشهر الأخير في السنة، والجميع يتطلع ليوم رأس السنة وأعياد الكريسماس حيث تنتهي السنة بكل ما فيها ويأتي بابا نويل (سانتا كلوز) ليوزع الهدايا التي تُنسي الجميع متاعب هذه السنة. ولكن دعونا أولاً نتعرف على من هو بابا نويل:
قصة سانتا كلوز قصة واقعية مأخوذة من قصة القديس نيكولاس وهو أسقف "ميرا" وقد عاش في القرن الخامس الميلادي، وكان القديس نيكولاس يقوم أثناء الليل بتوزيع الهدايا للفقراء ولعائلات المحتاجين دون أن تعلم هذه العائلات من هو الفاعل، وصادف وأن توفي في ديسمبر.
وأما الصورة المعروفة لسانتا كلوز فقد ولدت على يد الشاعر الأمريكي كليمنت كلارك مور، الذي كتب قصيدة "الليلة السابقة لعيد الميلاد" (The Night Before Christmas) عام 1823 . وجميع الناس يحبونه في جميع انحاء العالم ويأتى ذكره مع رأس السنة الميلادية.
وهو معروف غالباً بأنه رجل عجوز سعيد دائما وسمين جداً وضحوك يرتدي بزة يطغى عليها اللون الأحمر وبأطراف بيضاء وتغطي وجهه لحية ناصعة البياض، وكما هو مشهور في قصص الأطفال فإن بابا نويل يعيش في القطب الشمالي مع زوجته السيدة كلوز، وبعض الأقزام الذين يصنعون له هدايا الميلاد، والأيائل التي تجر له مزلاجته السحرية، ومن خلفها الهدايا ليتم توزيعها على الأولاد أثناء هبوطه من مداخن مدافئ المنازل أو دخوله من النوافذ المفتوحة وشقوق الأبواب الصغيرة.
ولكن ما رأيكم في أن يكون بابا نويل الطيف ..المعطاء ...هو نفسه خارجًا من هذه السنة وهو مجروح....ولكن لماذا؟
- مجروح لأن الكل منتظر أن يأخذ منه لا أن يعطيه.
- مجروح لأن لا أحد يتذكره إلا في نهاية العام.
- مجروح لأن الناس اُختذلوه كشخص في العطايا والهدايا المادية فقط.
- مجروح لأن هناك نويلات كثيرة كاذبة تقلده وتضلل الناس.
- مجروح لأن هناك سفهاء يسخرون منه.
لكن دعونا نلتفت لشخص الآن لشخص أخر نعامله كبابا نويل. كتب جوش ماكدويل الكاتب المسيحي المعروف في كتابه الذي تُرجم عنوانه في العربية إلى "شغل مخك في عصر الخرافات والأكاذيب" وفي فصل "فضح أسطورة بابا نويل" الآتي:
"فلقد تصور بوب أن الله يشبه بابا نويل (سانتا كلوز) الذي ينتظر في مكان ما من الفضاء الفسيح لكي يحقق له قائمة رغباته. فإذا صلى بجدية كافية وآمن بثقة وافرة، فالله سوف يُسقط عليه كل شيء يرغبه قلب صبي عمره سبع سنوات"
ثم يقول: "...وهم (أي كثير من الناس) لا يتقدمون في فهمهم عن الله أبعد من خرافة وأسطورة "الله هو شبيه بابا نويل".
فالكاتب يشير أن كثير من الناس يتعاملون مع (الله) وكأنه (بابا نويل) المنوط بتحقيق أحلامهم ورغباتهم، ومن هذا المنظور يبدأوا في التعامل مع الله من نفس منطلق تعاملهم مع سانتا كلوز بل أنهم يجرحون الله بنفس الطريقة:
- فيجرحونه لأن الكل منتظر أن يأخذ منه لا أن يعطيه (حتى المؤمنين أصبحت عبادتهم لله لمجرد الحصول على البركة أو التعزية أو المعجزة).
- فيجرحونه لأن لا أحد يتذكره إلا في نهاية العام (كثيرون لا يتذكرون الله إلا عند الاحتياج فقط أو في الضيق).
- فيجرحونه لأن الناس اُختذلوه كشخص في العطايا والهدايا المادية فقط (فالله بالنسبة لكثيرين ليس شخص بل مجرد مال، أو طعام، أو صحة، أو فيلا وسيارة).
- فيجرحونه لأن هناك نويلات كثيرة كاذبة تقلده وتضل الناس (فكم من التعاليم المُضلة والمعلمين الكذبة الذين يتحدثون باسم الله ويقدمونه للناس على أنه مجرد بابا نويل الذي يحقق رغباتهم مثل: تعاليم إنجيل الرخاء الذي يعلم أن المؤمن حقه في الله الغنى والصحة والنجاح فقط وأن عليه أن يطالب الله بهذا).
- فيجرحونه لأن هناك سفهاء يسخرون منه (كم من أناس أصبحوا يسخرون من الله لأنه ليس كما يريدون ويتصورون أو لأنهم لا يفهمون طرقه ولايؤمنون به فيسخرون منه ومن أعماله بل حتى من وجوده).
ونحن نقترب من نهاية العام وأعياد الكريسماس أتمنى أن لا نعامل الله على أنه سانتا كلوز ولا أن نجرحه بفهمنا الخاطيء له أو لطرقه وأعماله بل نأتي بكل أتضاع قائلين له: "طرقك يا رب عرفني. سبلك علمني. دربني في حقك وعلمني. لأنك أنت إله خلاصي. إياك انتظرت اليوم كله". (مز25: 4،5)
الإثنين ديسمبر 09, 2013 4:02 am
