منتدى جروحات
جرح الوداع
والفرق بين حناني ونحميا
بدء منتدى جروحات سنة 2010م لخدمة المؤمنين والكنيسة، وطوال هذه السنوات لم تتوقف مقالتي الشهرية، حتى إن من يتتبعها يستطيع أن يراها ترسم صورة للأحداث التاريخية التي وقعت طوال هذه الفترة التي ترنو على أربعة عشرة سنة.
وما كان يسعدني أنه رغم أنني لا أقوم بعمل دعاية للمنتدى أو أضع مقالاتي على الفيس بوك إلا ما ندر منها أجد أن هناك من يتبع المنتدى ويتابع المقالات أو عند تعرضه لجرح ما خاصة في الوسط الكنسي يبحث عن المنتدى ليقرأ مقالاته وليجد فيها ما يعينه من تعليم كتابي وإرشاد روحي.
ولكن جد جديد وهو إنشغالي الشديد هذه الفترة في الخدمة، خاصة ما طرأ من خدمات خارج القطر المصري مما جعل المواظبة على الكتابة بصورة شهرية منتظمة أمر في غاية الصعوبة بالنسبة لي، وأكون أكثر صراحة تسبب في جرح لي إنني نسيت أن أقوم بهذا ولم أستطع أن أتواصل مع القراء من خلال المقال الشهري لعدة شهور. لذا كان القرار الصعب أن مقالة ديسمبر كأخر شهر في سنة 2022م ستكون المقالة المنتظمة الأخيرة وبعدها ستكون مقالات غير منتظمة بحسب قيادة الله والاحتياج الآني. الحقيقية أني أشعر بجرح الفراق إلا أنه لابد من المرونة.
الفرق بين حناني ونحميا:
في سفر نحميا الذي يتكلم عن فترة من أصعب الفترات في حياة شعب إسرائيل وهي السبي لمدة 70 سنة وإنهدام سور أورشليم وحرق أبوابها بالنار. نجد في الاصحاح الأول شخصيتين يسجلهما الوحي المقدس الأولى هو حناني والثانية هو بطل السفر وهو نحميا.
الأثنان واجها مصيبة إنهدام سور بلد موطنهم أورشليم المدينة المحبوبة وأحتراق أبوابها بالنار مما يضع شعب الله في موقف عدم الحماية والأمان بل والعار بين الشعوب. فماذا كان موقف حناني؟ فهو شخص رائع في تشخيص المشكلة ونقلها بدقة لمن حوله، فمن المؤكد أن هناك كثيرين قبل وبعد نحميا قاموا بسؤال حناني عن أورشليم ومن المؤكد أنه أخبرهم بنفس التقرير. كما من المؤكد أنه كان حزينًا وهو يحكي عن تلك المأساة. ولكن ماذا بعد التشخيص والإخبار؟ لا شيء. والأصعب أنه كان يعيش داخل أورشليم لسنوات، فلماذا لم يعمل شيء لإصلاح ما تهدم؟!!
كثيرون هم مثل حناني يستطيعون أن يقدموا تقريرًا كاملاً عن ضعفات الكنيسة ومشاكلها وسلبياتها فقط لا غير، ويقومون بنشر هذه التقارير حتى في بعض الأحوال لمن لم يسألهم. فهم أمناء في نقل الصورة السلبية ولكنهم لا يضعون يدهم في عمل الله للإصلاح.
أما نحميا ورغم بُعده عن أورشليم وإنشغاله في منصبه الكبير مع الملك وبحبوحة العيش ورغدها الذي يعيش فيه فقد كان قلبه ملتهبًا ليهتم أن يسأل ويعرف، ولكنه لم يكتفي بهذا بل تعداه إلى الجلوس والصمت للتفكير ثم الصلاة والصوم ثم الاعتراف بالخطية والتوبة ثم قرار بالتضحية براحته ثم قرار العمل والبناء. فبالفعل نستطيع أن ندعو نحميا بأنه رجل البناء والإنجاز.
فهو لم يكن رجل العين المفتوحة على الضعفات دون محاولة إصلاح الوضع، أو الفم المتكلم دون اليد التي تساعد وتعمل. قليلون هم نحميا الآن في كنائسنا، وهذا هو الإحتياج الحقيقي أن نجد أشخاص مثل نحميا يقللون من الكلام ويكثرون من الإنجاز.
فجميعنا نعلم ضعفات الكنائس في ايامنا هذه ولكن كم واحد منا يسير في خُطى نحميا للبناء والإنجاز. هذه دعوة لنا جميعًا لنتوقف قليلاً عن أن يكون كل واحد منا حناني وأن نتحول إلى نحميا نبني وننجز.