جرح ليلة القتل الأبيض
من قصص الكاتب الدرامي السويسري فريدريك دورينمات مسرحية تُرجمت في العربية تحت عنوان ليلة القتل الأبيض. هذه القصة الجميلة تحكي عن رجل أعمال ناجح وغني جدًا تعطلت سيارته في طريقه للسفر أمام فيلا حيث طلب المساعدة فأخبروه أنه لن يتوفر ميكانيكي سيارات قبل الصباح، ولذا قام صاحب الفيلا وهو قاضٍ على المعاش بدعوته لقضاء الليلة عنده. بعد بدء الحديث أخبر القاضي الضيف بأنه محظوظ لأنه آتى في ليلة خاصة حيث يجتمع القاضي مع أصدقاء له أحدهما وكيل نيابة سابق والأخر محامي سابق مرة كل شهر ويقوموا بلعب لعبة مسلية وهي عمل محاكمة لأحدى الشخصيات مثل هتلر أو موسليني .. إلخ والحكم عليها حيث يقوم الغفير (عشماوي) بالتنفيذ، وجاء الأصدقاء في الوقت الذي عجبت الفكرة رجل الأعمال وعرض أن يكون هو موضوع محاكمة الليلة مع تحدي إذا استطاعوا أن يجدوا في حياته أي خطأ ليدينوه ويحكموا عليه.
بالفعل بدأت المحكمة بسرد رجل الأعمال قصة حياته من البداية للنهاية بثقة وثبات مكررًا لهم تحديه أن يجدوا ما يدينه إن استطاعوا. فبدأ وكيل النيابة في تفنيد ما قال مثبتًا أمام الجميع شر رجال الأعمال في كل أفعاله وكيف أن حتى الأعمال التي تبدو نقية دوافعها الخفية شريرة، ورغم محاولات المحامي أن يدافع عنه إلا أن الأمر أصبح جليًا أمام الجميع الحياة الشريرة التي عاشها رجل الأعمال والتي هي سلسلة من جرائم القتل الأبيض بدون سلاح أو نزول دم من الضحايا أو أدلة مادية تدينه.
ولأول مرة يشعر رجل الأعمال ويُدرك سواده الداخلي، وقد حكم القاضي عليه بالإعدام شنقًا لثبوت كل تهم الإدعاء وبعدها قام عشماوي بتنفيذ الحكم الذي كان بالطبع عبارة عن وضع رقبة رجل الأعمال في حبل المشنقة وهو عبارة عن ورق مقوي. ضحك الجميع وذهبوا إلى النوم راضين عمممما فعلوه وكيف أظهروا مواهبهم وقدراتهم إلا الضيف فقد ذهب إلى حجرته وهو مصدوم من نفسه فقد رأى بشاعته من الداخل كيهوذا الأسخريوطي حيث نجحت المحكمة في كشف بواطنه، وفي الصباح آتى الغفير ليوقظ رجل الأعمال ولكن وجدوه ميتًا فقلبه لم يتطع أن يحتمل سواد دواخله ودوافعه.
هذه القصة تُظهر ما حقيقة البشر التي أعلنها بولس بالروح القدس في رسالته إلى روميه، حيث أثبت في الأصحاح الأول شر الوثنيين الواضح "لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ. إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ، لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ. لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ، وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى، وَالطُّيُورِ، وَالدَّوَابِّ، وَالزَّحَّافَاتِ." (روميه1: 17 – 23)
وفي الأصحاح الثاني أثبت شر اليهود الغير واضح "وَلكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ، الَّذِي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ. أَمَّا الَّذِينَ بِصَبْرٍ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ يَطْلُبُونَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْبَقَاءَ، فَبِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ التَّحَزُّبِ، وَلاَ يُطَاوِعُونَ لِلْحَقِّ بَلْ يُطَاوِعُونَ لِلإِثْمِ، فَسَخَطٌ وَغَضَبٌ، شِدَّةٌ وَضِيقٌ، عَلَى كُلِّ نَفْسِ إِنْسَانٍ يَفْعَلُ الشَّرَّ: الْيَهُودِيِّ" (روميه2: 5- 9)
وفي الأصحاح الثالث أظهر أن الناموس عمل مثل المحاكمة التي في القصة أظهر أن الجميع أشرار وتحت الدينونة. "لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ." (روميه3: 20)
ولكن الفارق أن بولس الرسول بالروح القدس أعلن الحل لشر قلوبنا الدفين وثنيين (ملحدين) أو يهود (متدينيون من أي دين حتى المسيحية)
فالحل الوحيد هو الله "وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ، مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ، بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ، مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ." (روميه 3: 21 – 25)
فهذه دعوة لمعرفة أنفسنا كما يرانا الله ولكن بدون يأس يهوذا بل بوضع رجائنا في الله الذي يبرر الخاطي بالإيمان بيسوع.
#جرح _ ليلة _ القتل _ الأبيض[/strike][/strike]