قايين ومعالجة الجرح بالقتل
قصة قايين وقتله لأخيه هابيل كما سجلها الوحي في سفر التكوين قصة رائعة تُظهر لنا كيف يعالج الشخص المجروح احيانًا جراحه بطريقه خاطئة نحو الله والناس، فتؤذي نفسه ومن حوله وتضعه تحت غضب الله.
فقد قدم قايين ذبيحته أو عبادته لله هو وأخيه الوحيد هابيل، ولكن الله قبل عبادة هابيل ولم يقبل عبادته لأسباب ليست مكانها مناقشتها هنا. الفكرة أن قايين شعر بجرح من رفض الله لعبادته وقبوله عبادة اخوه، وهو جرح غير مُبرر لأن الله لم يكن يحب هابيل أكثر أو يفضله على قايين بل المشكله هي أن قايين لم يستوفي متطلبات الله.
مع ذلك الله اظهر رحمة واحسان وطول اناة نحو قايين وجرحه حيث قام بتحذيره من خطر الجرح الذي يشعر به، وأن هناك فرصة لاصلاح الخطأ "إنْ أَحْسَنْتَ أَفَلاَ رَفْعٌ؟ وَإِنْ لَمْ تُحْسِنْ فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ، وَإِلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا وَأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا». تكوين 4: 7
ولكن للاسف غيظ قايين جعله لا يستمع لصوت الله المحب بل لصوت جرحه الذي هابيل اخيه بريء منه وبدء يصرف الوقت والجهد لا في اصلاح طريقة عبادته لتُقبل امام الله لكن في التخطيط لازاحة اخيه من طريقه، وكأنه تصور انه اذا اختفى هابيل لن يكون امام الله غير قبوله وقبول العبادة حسب طريقته.
هذه للاسف مشكلة كثيرين منا عندما نتعرض لجرح بسبب خطأ فينا او قيامنا بعمل الاشياء ليس حسب المطلوب، لا نحاول ان نصلح اخطاءنا بل نبدء في الشعور بالغيظ نتيجة الشعور بالشفقة على الذات فنبدء بمعاداة من حولنا وخاصة من نجحوا في عمل الاشياء بطريقة صحيحة معتقدين اننا اذا قمنا بازاحتهم من طريقنا لن يكون قدام الاخرين غير قبول ما نعمله حتى وان كانت امور خاطئة.
هذا الامر يظهر في الخدمة وبين الخدام. فعندما تنجح خدمة احدهم وتفشل خدمتي لا افكر عن ماذا فعل هذا الخادم حتى يرضى الله عن خدمته ويباركه او ماذا ضحى وكيف تعب اكثر من الاخرين ليصبح على ما هو عليه ولكن كل ما افكر فيه هو جرح الفشل والشفقة على ذاتي واحساسي بتهديد هذا الخادم لحياتي وبظلم الله لي، واشعر ان السبيل الوحيد ليس اني اتجاوب مع طول اناة الله وابدء في تعديل اتجهات عبادتي وخدمتي بحسب مقاييس الله مثل اخوتي من رضي الله عن عبادتهم وخدمتهم لا لانه يفضلهم علي لكن لانهم تجاوبوا معه واصلحوا طرقهم (اصلحوا طرقكم ارميا 13: 11 ) في العبادة وفي الخدمة وتعبوا اكثر مني (بل انا تعبت اكثر من جميعهم 1كورنثوس 15: 10) بل ابدء ابذل كل مجهودي في ازاحتهم من طريقي بكل الطرق المشروعة والغير مشروعة، الطرق الروحية أو باعمال الجسد حتى لا يبقى امام الله ومن حولي الا قبول طريقتي في الخدمة.
فهل نُقيم انفسنا بطريقة صحيحة في محضر الله وبواسطة الروح القدس ونتجاوب مع محبة الله وارشاده وطول اناته، ام نقتل هابيل معتقدين اننا سنستريح بذلك، ولكن العكس صحيح فالحقيقة مستحيل حدوث هذا.
السبت يونيو 26, 2021 9:27 am
