جرح تبديد الأمال
"الرجاء المماطل يُمرض القلب..." (أمثال13: 12)
هناك أشياء غير مرغوب فيها يحلم الإنسان بإنتهاءها وأن يأتي اليوم الذي فيه تنتهي هذه الأشياء، وتبدأ سلسلة من التوقعات والاحتمال والصبر والتأوه كأنه تأوه أم تعاني من آلام المخاض على أمل أن تبدأ حياة جديدة ومرحلة جديدة تنسي الآم المراحل السابقة.
لكن المشكلة تبدأ عندما هذا الرجاء يتم التلاعب به فيظهر ويختفي بطريقة فيها مماطلة مما يمرض القلب، والجرح يبدأ عندما يشعر الإنسان أنه (حمل جملاً وولد فأرًا). فبعد سنوات الانتظار والترقب والتوقع ينتهي الأمر بلا شيء أو بتطور للأسوأ لا للأحسن.
في نهاية حياة سليمان النبي والملك عانى الشعب من السلطة الغاشمة والقساوة التي استخدمها سليمان مع الشعب وكان ذلك على ما أعتقد بتأثير زيجاته الكثيرة، والنتيجة أن الشعب أنتظر حتى وفاة سليمان ووضع رجاءه في تغير الأوضاع وبداية مرحلة جديدة مع الملك الجديد، لذلك احتملوا وانتظروا وازداد رجاءهم يومًا فيوم، فكلما زادت القسوة والدكتاتورية بلغة عصرنا كلما زادت توقعاتهم وأحلامهم وتطلعاتهم.
المشكلة أن ابن سليمان لم يكن بحكمة أبيه وعندما كلمه الشعب بعد موت سليمان ووضعوا رجاءهم فيه لم يُقدّر ذلك: "«إِنَّ أَبَاكَ قَسَّى نِيرَنَا، وَأَمَّا أَنْتَ فَخَفِّفِ الآنَ مِنْ عُبُودِيَّةِ أَبِيكَ الْقَاسِيَةِ، وَمِنْ نِيرِهِ الثَّقِيلِ الَّذِي جَعَلَهُ عَلَيْنَا، فَنَخْدِمَكَ». (1ملوك 12: 4)، فكان رده عليهم بكبرياء وقسوة: "وَكَلَّمَهُمْ حَسَبَ مَشُورَةِ الأَحْدَاثِ قَائِلاً: «أَبِي ثَقَّلَ نِيرَكُمْ وَأَنَا أَزِيدُ عَلَى نِيرِكُمْ. أَبِي أَدَّبَكُمْ بِالسِّيَاطِ وَأَنَا أُؤَدِّبُكُمْ بِالْعَقَارِبِ»." ع 14، كانت صدمة كبيرة وجرح عظيم للشعب فرجاءهم تم التلاعب به وأحلامهم ابتدأت تضيع في لحظة، وقلبهم كُسر بفعل الكبرياء وعدم الحكمة.
ماذا كانت النتيجة انقسام مملكة سليمان إلى قسمين، الأصغر منهما كان نصيب ابن سليمان الجاهل والعنيد. وقضى شعب الله سنوات في حرب طاحنة وتبددت الوحدة وضعف الشعب الوحيد في الأرض الذي عليه أن يقوم بالشهادة للرب. فما أصعب جرح تبدد الآمال، وما أسوأ الإحباط فإن نتائجه قاتلة.
فيا ليتنا نحترز لأنفسنا خاصة كمؤمنين من أن نكون السبب في مماطلة رجاء إي إنسان فنُمرض قلبه، أو نكون سبب جرح أي شخص بتكبر وعجرفة فنقابل صبره وانتظاره بقسوة وغشامة.
ولنتذكر كلمة بولس الرسول بالروح القدس عن هدف استخدامه للسلطان الذي أعطاه إياه الرب:
"..... حَسَبَ السُّلْطَانِ الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهُ الرَّبُّ لِلْبُنْيَانِ لاَ لِلْهَدْمِ." (2كورنثوس 13: 10)