جرح ظن السوء
في هذا الفترة نحتفل بعيد تجسد الله الكلمة " الكلمة صار جسدًا " (يوحنا 1: 14)، "...عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد،,,," (1تيموثاوس3: 16) لخلاص الإنسان. ومن ضمن أهم عناصر حادثة الميلاد هو الميلاد العذراوي والذي لم يكن هدفه فقط تحقيق معجزة إلهية لكن أيضًا تتميم لنبوة النبي إشعياء (700 سنة قبل المسيح) "..ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل" (إشعياء7: 14) وأيضًا حتى لا يرث هذا المولود خطية أبويه فيعيش بلا خطية حتى يستطيع أن يفدي البشرية.
في وسط هذا الحدث العظيم نحتاج أن نُلقي نظرة لهذه الفتاة الصغيرة والفقيرة والتي كانت تنتظر زفافها على خطيبها يوسف. فجأة وجدت هذه الفتاة نفسها حُبلى بدون أي علاقة طبيعية، وستبدأ بطنها في البروز وهي تعيش في مجتمع شرقي فقير ومغلق له تقاليدة، كما أنها تنتمي لدين جاء في شريعته أن مثل هذه تُرجم بالحجارة حتى الموت. " يُخْرِجُونَ الفَتَاةَ إِلى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ" (تثنية 22: 21). ولكن طمئن الملاك العذراء أنها حُبلى بالروح القدس، وطمئن الله خطيبها يوسف.
المشكلة الآن ليست في خطيبها ولكن في من يحيطون بها من جيران وأقارب ومعارف، الذين يعلمون جيدًا أنها لم تتزوج لأن لم يتم الإعلان عن الزفاف. هؤلاء عندما سمعوا ولاحظوا بعد ذلك أنها حبلى ماذا كانت تقول أعينهم قبل شفاههم؟ من المؤكد أن هناك من جرحها بنظرة عينيه التي تعبر عن ظنه فيها السوء في أنها زنت وهي عذراء، بل من المؤكد أن في البداية هناك من همس أو غمز أو لمز تعبيرًا عن ظنهم. وكالعادة هناك من يستمتع بهذه الأمور ويُلكّها (يمضغها) عالعلكة (اللبان) اللذيذة في فمه. فماذا كانت تفعل هذه العذراء البسيطة أمام هذا التنمر الخفي، فهناك أشخاص لن يسألوها أو حتى يستوضحوا الأمر منها لأن هذه فرصتهم لممارسة هوايتهم البغيضة بأن يجرحوا من حولهم بظن السوء ونشر الأكاذيب. واجهت مريم العذراء كل هذا قبل أن يسترها يوسف بإعلان زواجهما.
أصعب شيء عندما يحيط بك ظن السوء في عيون من حولك، فهم لا يعلمون .... وهم لا يسألون ... فقط يتهامسون.... فقط يثلبون (ثالب: من ينشر إشاعة عن شخص كذبًا (تيطس2: 3).
فماذا تفعل العذراء في مواجهة عيون سكان الناصرة التي كانت تحيطها بنظرات الشك وظن السوء غير أن تثق في أمانتها وتعتمد على من دعاها لهذا الدور، فهي أدركت أن هذا الدور ثمنه غالٍ ككل الأدوار التي يتحملها مختاري الله لتتميم مقاصده.
كثير منا يواجه نفس الموقف وهو جرح ظن السوء ممن حولنا، والغريب أن من يقومون بهذا لا يسألون ليحصلوا على الحقيقية ولكنهم يستمتعون بنشر الأكاذيب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. فماذا نفعل في هذا الظرف؟!
يا ليتنا نتعلم من العذراء مريم.. يا ليتنا عندما نواجه جرح ظن السوء ممن حولنا بدون أي خطأ من جهتنا أن نتكل على الإله العادل الذي يستطيع أن يدافع عنا. كما من المهم أن نُدرك أن كل دور نقوم به لله ينبغي أن يكون له ثمن، فإذا كنا نثق في دعوتنا من الله وقيمة الدور فلنتقبل أن هذا جزء من مسؤليتنا.
#جرح_ظن السوء# دكتور _جوزيف موريس حبيب