جرح قلب الحقائق
تخيل معي أنك تتكلم مع شخص أجنبي يتكلم لغة أخرى غير لغتك مثل الانجليزية، فتستعين بمترجم واضعًا ثقتك فيه ليعبر عما في فكرك للطرف الآخر، وعندما تبدء الحديث وبمعرفة بسيطة منك للغة تكتشف أنه يقلب كلامك بالعكس. فعلى سبيل المثال إذا قلت
أبيض - المترجم يترجمها إلى - black - أي أسود
نهار – المترجم يترجمها إلى – night - أي ليل
ماذا يكون شعورك وماذا يكون رد فعلك، خاصة إذا كان الشخص الذي يقوم بالترجمة لك من المفترض أنه موضع ثقة وأنه قريب منك. بالطبع في البداية ستفترض أنه أخطىء الفهم فتلتمسله العُذر وتبدء تشرح له ما تقصد بالفعل، لكن مع تكرار الأمر سيتأكد لك أنه يقلب ما تقول عن قصد... فكل حقيقة تذكرها يقلبها بطريقة مقصودة للعكس مما يترتب عليه اساءة لك وخسائر في علاقتك بمن حولك.
هذا الأمر جرح خطير يسببه لنا كثيرون ممن حولنا، فكم مرة تسائلنا لماذا يفعلون هكذا؟ لماذا يقلبون الحقائق بهذه الطريقة الغير أمينة؟ أنهم يجرحون ثقتنا فيهم، ويجرحون علاقتنا بمن حولنا، ويجرحون مبدأ الأمانة.
هناك قصة كتابية عن الملك سنحاريب ملك أشور الذي حاصر أورشليم في أيام حزقيا (2أخبار الأيام 32: 12) وعندما آتى رسل سنحاريب بجانب السور تكلموا بصوت عالٍ ليسمع الشعب، فماذا قالوا لهم: "أَلَيْسَ حَزَقِيَّا هُوَ الَّذِي أَزَالَ مُرْتَفَعَاتِهِ وَمَذَابِحَهُ، وَكَلَّمَ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ قَائِلاً: أَمَامَ مَذْبَحٍ وَاحِدٍ تَسْجُدُونَ، وَعَلَيْهِ تُوقِدُونَ؟"
إن ما قالوه هو عبارة عن قلب لكل الحقائق، فحزقيا الملك التقي لم يزيل أو يهدم مذابح الرب يهوه ولكنه أزال مذابح الأوثان، لأن الرب له مذبح واحد في الهيكل. لقد أراد سنحاريب أن يخدع الشعب البسطاء لينقلبوا على حزقيا فيستطيع سنحاريب أن يستولى على المدينة، وكانت الطريقة الفعالة بالنسبة له هي قلب الحقائق.
هذا بالضبط ما يفعله أي شخص يقوم بطريقة مقصودة بقلب ما أقوله من حقيقة، فأنه يحاول أن يهدمني وأن يخدع البسطاء. أنها لغة شيطانية لا يجب أن يتصف بها المؤمنين من قريب أو من بعيد لأنها بالحقيقية هي تجرح الأمانة التي يجب أن يتصف بها المؤمن.
"فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَالِ الظُّلْمِ، فَمَنْ يَأْتَمِنُكُمْ عَلَى الْحَقِّ؟ وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَا هُوَ لِلْغَيْرِ، فَمَنْ يُعْطِيكُمْ مَا هُوَ لَكُمْ؟" (لوقا16: 11، 12)
# جرح _ قلب _ الحقائق
السبت يوليو 11, 2020 12:40 pm
