بين الدعوة وجرح الاستيلاء
كلنا نتذكر الربيع العربي (كما يسميه البعض) حيث قبلها، ولمدة سنوات عديدة رفض عدد من الرؤساء العرب ترك كراسيهم لسنوات وصل بعضها ل 30 واخر 40 سنة في الحكم. ورغم رفض شعبهم لهم إلا أنهم أصروا الاستمرار حتى تم خلعهم من شعوبهم. وللأمانة البعض منهم نتذكر أنه بدء بداية جيدة ولكن للأسف أصر أن ينهي رئاسته نهاية سيئة مسحت كل إنجازات ماضيه، وعرضته لأهانات شديدة لم يكن يتخيلها.
عمل الله – الخدمة - هو عمل يخص الله، فالكرمة تخص وملك للكرام، ولذلك فكل تعدي على خدمة الله هو جرح لله نفسه، ويُعرض الجارح لتأديبات أو دينونة الله. ولأن الله هو صاحب الكرم فهو من يختار وبالتالي يمسح أو يفرز الشخص للخدمة. ولكن إذا ضل الشخص الممسوح أو المفروز فإن الله صاحب الكرم يحق له أن يرفض الشخص ويخرجه من خدمته أو مسئوليتهـ وهذا أمر منطقس، كما أننا نستطيع أن نتتبعه في الكتاب المقدس.
المشكلة الأكبر عندما يعرف الشخص أن صاحب الكرم قد رفضه وأنه يجب أن يترك الخدمة التي غالبًا ما تحولت إلى مركز أمان لصاحبها ووضع إجتماعي ومصدر مادي، فيقوم بالاستيلاء على الكرم تحت مسميات أن: بعدي الدمار والفوضى، أو أن ليس هناك شخص مؤهل يخلفني في المسئولية، أو أن الجميع متمسك بي للأبد.
وهذا ما فعله اليهود عندما علموا أن الله صاحب الكرم سيحاسبهم بسبب تقسيرهم وعدم امانتهم وأعتبار أن الله وخدمته ملكًا شخصيًا لهم، فهم لم يكتفوا بجرح ابنه بل قرروا أن يقتلوه قتلوه – وذلك التقرير الإلهي عنهم جاء بحسب المثل الذي ذكره الرب نفسه في مرقس 12: 7، 8 "لَكِنَّ أُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ فَيَكُونَ لَنَا الْمِيرَاثُ! فَأَخَذُوهُ وَقَتَلُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ."
لنرى مثالين من الكتاب المقدس عن الاستيلاء على خدمة الرب من المرفوضين منه:
أولهما من العهد القديم:
رفضت شاول ...... مسحت داود
نرى الله بعدما وضع شاول في المُلك وبسبب اخطائه رفضه من الملك، ثم نرى الله يمسح داود عن طريق صموئيل النبي بدلاً من شاول. ثم نرى شاول بعدما عرف ذلك يحاول أن يقتل داود .... وقد ظل على كرسي الحكم رغم رفض الله له، أي أنه أستولى على الكرم رغم رفض صاحب الكرم له. أصبح شاول جارحًا لله من أجل الكرسي والمنفعة والمجد الشخصيين.
والمثل الثاني من العهد الجديد:
افرزوا لي ...... يريد أن يكون أولا
نرى في سفر الأعمال 13: 2 يفرز الله برنانبا وشاول (بولس الرسول) للخدمة عن طريق كنيسة أنطاكية، "قَالَ الرُّوحُ الْقُدُسُ: « أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ»" وكم كانت خدمتهما ناجحة – ثلاثة رحلات تبشيرية تغطي آسيا الصغرى وأوربا -لأن صاحب الكرم قد أفرزهم لهذه المسئولية والأمانة.
ثم نرى في رسالة يوحنا الثالثة، ديتريفوس الذي يحب أن يكون الأول بين المؤمنين استولى على الكنيسة ورفض رسائل بولس ورفض دخول خدام الرب، ووتخلص بالطرد من كل مؤمن أمين يعترض عليه. "...دِيُوتْرِيفِسَ - الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الأَّوَلَ بَيْنَهُمْ - لاَ يَقْبَلُنَا. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ إِذَا جِئْتُ فَسَأُذَكِّرُهُ بِأَعْمَالِهِ الَّتِي يَعْمَلُهَا، هَاذِراً عَلَيْنَا بِأَقْوَالٍ خَبِيثَةٍ. وَإِذْ هُوَ غَيْرُ مُكْتَفٍ بِهَذِهِ، لاَ يَقْبَلُ الإِخْوَةَ، وَيَمْنَعُ أَيْضاً الَّذِينَ يُرِيدُونَ، وَيَطْرُدُهُمْ مِنَ الْكَنِيسَةِ." (3يو9، 10) فديتريفوس جرح صاحب الكنيسة - عريس الكنيسة – رأس الجسد، باستيلائه على كرم الرب لمنفعته ومجده الشخصي.
والنتيجة، نعرفها من قصة شاول الملك حيث دينونة الله لاحقته، فمات في المعركة بعد أن عزبته الأرواح الشريرة بسبب فراق روح الرب له، كما تم أُهانته بعد موته. فجرح صاحب الكرم لا يمر بدون دينونة أو تأديب.
.... فلنتحذر خاصة إذا كنا بدأنا بداية جيدة في الماضي لئلا ننتهي بنهاية سيئة، فنجرح الرب صاحب الكرم باستيلائنا على كرمه.
# الدعوة¬_ وجرح_الاستيلاء