أنا أجرح إذًا أنا موجود
يظن الكثيرون أنهم طالما يجرحون من حولهم فهم موجودون ولهم تأثير وهم أقوياء. فيجرحون من حولهم بالقول أو الفعل، يطرحون عن يمينهم ويسارهم جرحى يتألمون، وهم يضحكون ضحكة المنتصر ذو البأس. وأحيانًا تجريح الأخرين يكون في حقيقته نوع من أنواع التنمر أي إن كان نوعه اللفظي أو المادي. ومن هنا يجب على الشخص المجروح أن لا يستسلم لهذا النوع من الجروح بل أن يقاومه ويعمل على توقيفه.
لقد تعرض الرب يسوع نفسه وهو على أرضنا لتنمر اليهود بالتجريح، فلقد قاموا بتجريحه جروح لفظية عندما اسأوا إلى سمعته ودعوه آكيل ... شريب خمر.... محب للعشارين والخطاة (لوقا 7: 34). وأيضًا عندما دعوه بطريقة مسيئة لعمله القديم وعمل والده يوسف النجار فقالوا عنه: النجار(مرقس6: 3) ..... ابن النجار (متى13: 55). بل حاولوا مرة أن يتنمروا عليه ويجرحونه ماديًا بإلقائه من فوق الجبل (لوقا4: 29).
فالبعض يجرح بتنمر الآخرين متعاليًا عليهم بشهاداته أو أصل عائلته أو وضعه الإجتماعي، معايرًا الأخرين بضعف الشهادة أو اتضاع العائلة أو رقة الحال أو الوضع الإجتماعي البسيط. والحقيقية أن جرح الأخرين بتنمر هو تعبير عن الضعف الداخلي وشعور الجارح بالنقص.
والقصص التي نسمعها كثيرة عن قضاء الشباب لفترة التجنيد، حيث يقوم الصول (صف ضابط) المنوط بالتدريبات بإذلال الشباب المجندين وبصفة خاصة الحاصلين على مؤهلات عُليّا وخاصة الواضح عليهم أنهم من عائلات ذات مكانة، فقط كنوع من التنمر، وتعويض ما يشعر به من نقص (المستوى التعليمي أو العائلي أو المادي أو الإجتماعي) أمامهم فيقوم بجرحهم بالألفاظ والأذلال فقط ليقول لهم أو بالأحرى لنفسه: إنني موجود ...... طالما أستطيع أن أجرحكم.
فهذه دعوة لمن يتعرض لجرح تنمر الآخرين عليه.... أن يقاوم لوقف هذا التنمر.
وهي دعوة للمجروحين أن يتذكروا أن الرب يسوع مر بما يمروا به، لذا فهو يشعر بشعورهم ويستطيع أن يساعدهم.
كما أنها دعوة لنا إن كنا نحاول أن نُثبت وجودنا بجرح من حولنا كنوع من تعويض احساسنا بالدونية حتى وإن كان هذا التجريح بالألفاظ فقط، أن نتوب عن هذا ...ونتوقف عنه فورًا، لأن هذا نوع من أنواع القتل الذي لا يعاقب عليه القانون، لكن الله يعاقب عليه.
"وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ. " (متى5: 22)
أنا أجرح _إذًا أنا موجود_ التنمر#