"سنة جديدة دليل أن الجروح لا تقتل"
عندما يمر أحد منا بجرح ما مهما كان نوعه نعتقد أن الحياة أنتهت وأنه لا استمرارية للحياة بعد الجروح. ونحن من عدة أيام احتفلنا جميعًا بنهاية سنة 2018 وبداية سنة جديدة 2019م ومعنى أننا دخلنا سنة جديدة أن الحياه استمرت وأن الجروح مهما كانت غائرة لا توقف الحياة.
فقديمًا قالوا أن: "الضربة التي لا تقتلني تقويني" وهكذا الجروح عندما يمر عليها الوقت وأنا مازلت أحيا وأعيش فهي بالتأكيد تقويني وتجعلني أصلب مما سبق. فالنظرة الإيجابية للجروح تزيد الإنسان صلابة، وهذه النظرة الإيجابية لا تعتمد على مجرد التفائل الافتراضي بل مؤسس على حقيقية يعلنها الكتاب المقدس للمؤمنين وهي العناية الإلهية أي أن:
1. الله يعتني بي
2. ويسيطر على كل الشرور التي في العالم
3. ويحولها لخيري
4. ويستخدمها لتتميم مقاصده.
فلنرى الجروح التي جُرح بها يوسف من أخوته على سبيل المثال كما سطرها الوحي المقدس في تكوين 37 – 50، من حسد واحتقار وآذية. ولكن بعد أن يوسف عاش ولم يمت ابتدأ يرى حقيقية الجروح التي تعرض لها في حياته الماضية وكيف أنها جعلته أصلب، فيوسف الفتى المدلل أصبح يوسف الرجل القوي في مصر، ويوسف الفتى الغير حكيم أصبح ليس هناك من هو أحكم منه لإنقاذ مصر بكل حكماءها، ويوسف الذي لا يحفظ سر أصبح الرجل القوي الذي يعرف متى يُخفي مشاعره ومتى يُصرح بها.
ونستطيع أن نرى العناية الإلهية في حياة يوسف كالآتي:
1. أعتنى الله بيوسف فلم يقتله اخوته بل استخدم أخيه رأوبين لإنقاه، ثم أنقذه من أن يقتله فوطيفار، وأعتنى به وحفظه في داخل السجن حتى أصبح القيم على السجن ثم القيم على كل مصر، فهو في رحلة الجروح كان محفوظًا. ولذلك فكما أعتنى الله به وأظهر لطفًا تجاهه قرر يوسف أن يرض على حقد أخوته عليه بالاعتناء بهم "فالآن لا تخافوا. أنا أعولكم وأولادكم...." (تكوين50 : 21)
2. أما عن سيطرة الله على الشرور التي وجهها له البشر فنرى كيف أن الله سيطر على شر أخوته ووضع له حدودًا، وسيطر على شر امراءة فوطيفار فلم تهزم يوسف، وسيطر على شر فوطيفار ووضع له الحدود حتى الوقت المعين الذي يرفع الرب فيه يوسف. لذا عندما أدرك يوسف أن الله القيوم والمسيطر والمتسلط رفض الانتقام من أخوته وقال لهم: ".....لأنه هل أنا مكان الله؟" (تكوين 50: 19)
3. ولقد حول الله الشر إلى خير فبيع يوسف للإسمعليين أوصله لمصر، وافتراء امراءة فوطيفار وسجن رجلها له أنهى عبوديته. وهذا ما أدركه يوسف عندما قال: "أنتم قصدتم لي شرًا أما الله فقصد به خيرًا..." (تكوين 50: 20) وهذا ما ذكره بولس عندما قال: "ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله...." (رومية 8: 28)
4. ولقد استخدم الله كل الشرور التى صنعها البشر تجاه يوسف والجروح التي تعرض لها لتميم مقاصده في أن يوسف يصبح حاكم مصر بعد فرعون، ولينقذ مصر من المجاعة، وهذا ما أدركه يوسف حين صرح لأخوته "لكي يفعل كما اليوم، ليحي شعبًا غفيرًا" (تكوين 50: 20)
فهل نتعلم من اختبار يوسف:
أ. أن الحياة تستمر رغم الجروح.
ب. وأن نثق في عناية الرب لنا وصلاحه فتتحول الجروح في حياتنا لمصدر للقوة بنعمته.
ت. ولنطلب من الله أن يفتح أعيننا لنرى عنايتة وسيادته على العالم.
ث. وأن ندرك قدرته على تحويل كل الأشياء لخيرنا.
سنة_جديدة_جروح_لاتقتل#