منتدى جروحات
مقالة شهر ديسمبر 2018م
الجرح الوهمي
كثيرا ما نشكو من الجروح التي يجرحنا بها الاخرون، ولكن كثيرا ما يكون جرحنا مجرد وهم، فنحن الان نعيش في عالم افتراضي وصل حتى ان هناك عملة افتراضية، وكثير من الناس اصبح لهم جُروح افتراضية غير حقيقية يتباكون بسببها، بل بعض الاحيان يبحثون عن تجريح افتراضي لهم من اخرين ليعطوا انفسهم المبرر للفشل أو الخطأ.
في قصة الوزنات (متى25: 14 – 29)
"«وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ، فَأَعْطَى وَاحِدًا خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ. ........... وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ. وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيل أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ.
............. ثُمَّ جَاءَ أَيْضًا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ. فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ. فَأَجَابَ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ، عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ، فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِبًا. فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ."
أعتبر العبد الشرير أنه جُرح عندما قدم له سيده الذي أدعى عليه أنه قاسٍ وزنة ليتاجر بها، رغم أنه من الممكن لأن السيد كان يعلم فشله أن لا يعطيه، ولكنه أعطاه فرصة جديدة، والنتيجة هو أنه وضع في عقله أنه ليس فاشلاً بل أُوهم نفسه أن المشكلة في سيده، لذلك فعندما جاء موعد حساب سيده له لم يعترف بخطأه أو فشله ولكن فقط رمى بالمسئولية على سيده الذي أكرمه وأئتمنه وأعطاه فرصة النجاح وإثبات الذات.
فما أعظم الوهم الذي يعيش فيه الكثيرون حيث يشعرون بجرح ممن حولهم متوهمين أنهم هم حجر العثرة نحو نجاحهم، وأن من حولهم هم عامل الفشل في حياتهم.