بداية جديدة
من نعم الله علينا كبشر ما جعله في أجسادنا من قدرة للجلد المجروج على الإلتئام مرة أخرى ورجوعه إلى حالته الأولى وكأنها بداية جديدة له. هذا على المستوى الجسدي، لكنه أيضًا صورة للمستويات والجوانب الأخرى في حياتنا، فنحن في حياتنا كثيرًا ما مزقتنا الجروح المختلفة، هذه الجروح التي مزقت نجاحات أو علاقات، طموحات أو نفسيات، مما ترك علينا آثارًا مؤلمة.
ونحن إذ نحتفل بسنة جديدة الآن، نتذكر أن جميعنا بدون أستثناء نحب فكرة "السنة الجديدة" لأننا في الواقع نترجى أن تكون هذه السنة "الجديدة" هي بمثابة بداية جديدة لكل شىء في حياتنا ومن حولنا. نتمنى أن تكون بداية جديدة في حياتنا الروحية، وعلاقتنا البشرية، وأعمالنا المهنية. لذا فنحن نتمنى دائمًا أن يأتي مع السنة الجديدة وفي رحابها تجديد لجروحنا أيضًا جسدية، أو نفسية، أو روحية، أو إجتماعية.
وكما أن البداية الجديدة لأي جرح يُعني أن البشرة التي مزقتها الجروح تحتاج إلى خلايا الدم البيضاء لإعادة بناء ورتق ما تمزق منها، وتحتاج أيضًا عامل الزمن، فمع مرور الوقت يرجع الجلد إلى سابق عهده، حتى أن أحيانًا لا يمكن ملاحظة أثار هذه الجروح. هكذا نحتاج نحن أيضًا إلى بداية جديدة لجروح حياتنا لرتق كل تمزق حدث فيها في الماضي.
لكن نحتاج إلى معرفة ما هي الخلايا البيضاء بالنسبة لجروحنا النفسية أو الروحية أو الإجتمتعية والتي تستطيع أن تُعيد أمورنا في هذه الجوانب إلى ما كانت عليه؟ كما نحتاج أيضًا معرفة دور عامل الزمن في تحقيق ذلك؟......الخلايا البيضاء نستطيع أن نقول أنها تُمثل نعمة الرب وقدرته، فهو بقدرته قادر على اصلاح ما تمزق وبنعمته يعطي البداية الجديدة. فكل جرح نفسي أو روحي أو إجتماعي تستطيع النعمة أن تخفف وطأته وحدة أثره علينا، كما أن قدرة الله بمعونة الروح القدس تمكنا أن نعيد اصلاح ما تمزق. أما عامل "الزمن" فالله يستخدمه لينسينا ويُنسي من حولنا هذه الجروح ونتقبل إعادة الأمور إلى نصابها.
فأنا أصلي في بداية سنة 2018م هذه السنة الجديدة أن نترجى في الرب تجديد كل حياتنا ورتق أي تمزقات حدثت فيها على كل المستويات: النفسية، الإجتماعية، الروحية، وذلك بأن نقبل "نعمة الله" لتعطنا الاحتمال والتقبل، وكما يوصينا الكتاب المقدس: "فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْناً فِي حِينِهِ." (عبرانيين 4: 16) ونثق في "قوة الله" لإعادة ما خسرناه إلى الحالة الجديدة لأن الكتاب المقدس يُعلمنا: "لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ." (تيموثاوس الثانية 1: 7). وأصلي أيضًا أن نُدرك ما يستطيع أن يعمله عامل الوقت في هذا الأمر، فالكتاب يعلمنا أنه إن مر علينا وقت للتمزيق فسيكون هناك وقت للتخييط: "لِلتَّمْزِيقِ وَقْتٌ وَلِلتَّخْيِيطِ وَقْتٌ...." (جامعة3: 7).........لتكون السنة الجديدة البداية الجديدة.