الجروح العلاجية
يقول الحكيم سليمان في سفر الأمثال: "جُرُوحُ الضَّرْبَاتِ تُنَقِّي مِنَ الشُّرُورِ، وَالْجَلْدَاتُ تُطَهِّرُ أَغْوَارَ النَّفْسِ." (أمثال 20: 30)
التأديب بالضربات التي تسبب جروحًا، والعقاب الحازم ضروري للحد من الشر. ويشير سفر الأمثال في أغلب الأحيان إلى الحمقى الذين تُضرب ظهورهم (أم 10:13؛ 14:3؛ 19:29؛ 26:3)، ولكنهم يظلون رغم ذلك على حماقتهم ولا يغيرون طرقهم (قارن أم 17:10؛ 27:22).
فالعقاب بالجروح هنا وسيلة للعلاج والتقويم لمن يصنع الشر والهدف منه التنقية والتطهير للنفس، ولكنه يؤتي بثمر ليس عند الجميع. فالبعض يتجاوب مع الجروح والضربات فيتوب والبعض الأخر يزداد عنادًا وشرًا.
والكتاب المقدس في سفر الرؤيا يقدم لنا نموذجًا حقيقيًا لهذا وإن كان سيحدث في المستقبل عندما يصب الله جامات غضبه على شر البشر في العالم عند نهاية الأيام، فبدلاً من أن يتوب الأشرار يعاندون ويستمرون في شرهم.
"وَلَكِنَّ النَّاسَ الَّذِينَ نَجَوْا مِنْ هذِهِ الْبَلاَيَا، لَمْ يَتُوبُوا عَنْ أَعْمَالِهِمْ، وَظَلُّوا يَسْجُدُونَ لِلشَّيَاطِينِ وَلِلأَصْنَامِ الَّتِي صَنَعُوهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ، مَعَ أَنَّهَا لَا تَرَى وَلاَ تَسْمَعُ وَلاَ تَتَحَرَّكُ!، وَلَمْ يَتُوبُوا عَنِ الْقَتْلِ وَالسِّحْرِ وَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ! (رؤيا9: 20؛ 21)
"فَاحْتَرَقَ النَّاسُ مِنَ الْحَرِّ الشَّدِيدِ. وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتُوبُوا لِيُمَجِّدُوا اللهَ، بَلْ جَدَّفُوا عَلَى اسْمِ اللهِ صَاحِبِ السُّلْطَةِ عَلَى هَذِهِ الْبَلاَيَا" (رؤيا16: 9- 11) "فَاحْتَرَقَ النَّاسُ مِنَ الْحَرِّ الشَّدِيدِ. وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتُوبُوا لِيُمَجِّدُوا اللهَ، بَلْ جَدَّفُوا عَلَى اسْمِ اللهِ صَاحِبِ السُّلْطَةِ عَلَى هَذِهِ الْبَلاَيَا." ع11
فالله رغم أنه ضرب البشر بهذه الضربات والجروح كنوع من الدينونة إلا أنه من المُلاحظ أن البشر لم ينظروا لهذه الجروح كنوع من العلاج أو كفرصة للتطهير فيتبوا عن شرهم بل بالعكس تحدوا الله واستمروا في إغاظته بعبادة الأوثان واتباع الشيطان والانخراط في كل خطية تكسر وصية من وصايا الله التي يعرفونها.
كثير من الناس يتعرضون لجروح من خلال الناس أو الظروف خلال مسيرة الحياة وأحيانًا يكون الله يقصد أن يستخدم هذه الضربات الجروح لتطهير نفس الإنسان وقيادته للأعتراف باخطائه والتوبة والرجوع عنها وبهذا تكون الجروح استخدمت كعلاج.
ولكن إن لم يُدرك الإنسان هذا فاستمر في حياته وسلوكياته وعادته واخطائه، وتهرب من مواجهة نفسه، وحاول إراحة ضميره باللقاء اللوم على من حوله وعلى الظروف بل وعلى الله .. يفقد هذا الإنسان فرصته في العلاج وتتطور الضربات وتزداد الجروح. فالاحمق هو من لا يستفيد من الجروح التي يتعرض لها ليقوم سبله.