جرح العنف الأسري
أنتشرت في الأونة الأخير العديد من حوادث العنف الأسري التي جرحت ضمير الشعب المصري، فهذا رجل يقتل اولاده بالقاءهم في النيل، وهذه أم تقتل جميع اولادها في الصعيد، ورجل بالقاهرة يفصل رأس زوجته واولاده، كل هذا في فترة وجيزة مما صدم المجتمع صدمة كبيرة متسائلاً عن هذا الكم من العنف الأسري الذي أنتشر فجأة بين المصريين.
وبالفعل العنف الأسري أمر جارح جداً للمجتمع لأنه ينم على خلل كبير في الأسرة المصرية بمختلف أعضاءها، وبالتالي فهناك خلل عميق أيضًا في المجتمع المصري ككل، مما يتوجب البحث في الموضوع وإيجاد طرق لشفاء هذا الجرح. هذا من الناحية الإجتماعية، ولكن الأمر له أيضًا ناحية روحية تظهر بالكتاب المقدس بوضوح في عدة حوادث عنف أسري سجلها الوحي المقدس.
كانت أول جريمة في التاريخ عبارة عن عنف أسري فقد قتل الأخ أخاه، قتل قايين أخيه هابيل بلا شفقة لمجرد الغيرة لأن الله قبل ذبيحة هابيل ولم يقبل تقدمة قايين (سفر تكوين فصل 4)، فالأسرة الأولى في التاريخ ضُربت بالعنف الأسري في أبشع صورته، فقد قتل الأخ أخاه بسبب الغيرة.
ثم نري في نفس السفر (سفر تكوين فصل 37) مثال أخر للعنف الأسري عندما يُلقي أخوة باخيهم في بئر لُيقتل ثم يرحمونه فيبيعونه كعبد. فأخوة يوسف وبسبب الحسد منه نتيجه احلامه واهتمام ابيه به لأنه صغير ومن الزوجه المحبوبة راحيل حسدوه رغم سنهم الكبير، فهم رجال متزوجون ولكنهم حسدوا يوسف أخيهم بسبب قميصه الملون. فنحن أمام نموذج أخر للعنف الأسري الذي وصل حد القتل لولا حفظ الله ليوسف.
وإذا تقدمنا لسفر (سفر صموئيل الثاني فصل 13) فسنجد مأساة جديدة وجرح غائر لعائلة داود النبي حيث قام ابنه امنون بالاعتداء على أخته ثامار من أم أخرى بسبب الشهوة، فهو لم يشفق عليها، بل من شدة عنفه طردها فاقامت في بيتها مستوحشة بعارها طوال حياتها. ولم ينتهي العنف الأسري عند أغتصاب امنون لثمار ثم أنتقام أبشالوم أخوها بقتل أمنون، لكن في (الفصل 15) من نفس السفر نجد أبشالوم الابن يتأمر ويستولى عل حكم اسرائيل ويحاول قتل أبيه داود بسبب الطمع لولا أن الأخير فر من أمامه. فأي جرح عندما يُهان الآب من عنف ابنه حتى يصل لاغتصاب سلطته ومحاولة قتله، ولكنه العنف الأسري.
وعندما نصل للعهد الجديد نجد أن الرب يسوع نفسه يتعرض للعنف الأسري من أقربائه، عندما يجدون أن زعماء اليهود مغتاظين منه لسبب شفاءه للمرضى واقامته للموتى وغفرانه لخطية الخطاة ومعادلة نفسه بالله، فيحاول أقاربه القبض عليه بادعاء أنه مختل (بشارة مرقس فصل 3 عدد 21)، وهذا بسبب شعورهم بالعار من أفعاله. فالمسيح تعرض من عنف اسرته عندما قام اقاربه الذين تربوا معه وله ذكريات للوقت الذي قضوه معه وهم صغارًا في ورشة نجارة يوسف النجار، الآن يجرحونه عندما يقولون أنه مجنون ويحاولوا امساكه لتحديد أقامته أو حبسه.
من هنا هذه الحوادث نرى بعض أسباب العنف الأسري مثل:
1.الغيرة 2.الحسد 3. الشهوة 4. الطمع 5. الشعور بالعار. فهناك من يتعامل بعنف مع أقرب الناس إليه نتيجة حسد على ميزة عند الأخر وليست عندي، أو غيرة من نعمة يتمتع بها الأخرون وأنا لا، أو طمع في الحصول على ميراث أو مال أكثر، أو شهوة تتحكم في رجل نحو فتاة أو امراءة نحو رجل، أو ثأرًا بسبب الشعور بالعار.
إن العنف الأسري هو أحد أدوات الشيطان لتدمير الحياة الإنسانية، والأسر بأكملها، وذلك لأنه هو نفسه "القتّال" (بشارة يوحنا فصل 8: عدد 44) كما دعاه الرب يسوع. فالإنسان الشرير يعمل شهوة أبيه ابليس في قتل أقرب الناس له أو ايذائهم. فالعلاج الأساسي للعنف الأسري هو الانتقال من سلطان الظلمة "الشيطان" إلى ملكوت المسيح (رسالة كولوسي فصل 1: عدد 13).
وحتى في وسط بيوت بعض المؤمنين رغم تحررهم من سلطان إبليس، إلا أننا نجد أنهم يعانون أيضًا من تأثيره عليهم في قيادتهم لعنف أسري ولكن من نوع أخر وهو الضرب أو العنف اللفظي مثل الاحتقار أو السخرية أو التنمر. والعلاج في هذه الحالة هو أن المؤمن يعيش حياة الامتلاء من الروح القدس الذي من ثمره: المحبة، اللطف، وطول الأناة "الصبر". فعندما يمتلء المؤمن العضو في أسرة بثمر الروح فلن يُقاد لصنع عنف أسري حتى إن كان في صورة عنف لفظي.
فهذه دعوة:
1. لشفاء إلهي لكل مجروح تعرض لعنف أسري من أب أو أم، من زوج أو زوجة، من خال أو عم، من أخ أو أخت، من نسيب أو نسيبه.
2. أيضًا دعوة للتوبة لكل من قام بعنف أسري تجاه أحد أي إن كان نوع هذا العنف جسدي أو حتى لفظي.
3. وهي دعوة لخدام الرب يدعوهم فيها لخدمة النفوس المجروحة والمدمرة نتيجة العنف الأسري.
# جرح _ العنف _ الأسري