جرح اختباء الرعاة والمعلمين
من الجروح التي لا يدركها البعض رغم صعوبتها هي جرح أختفاء.... من يعلمني أو يرعاني أو يرشدني أو يدلني....إلخ. فهذا معناه أن الإنسان أصبح وحيد، يقابل المجهول..... وهو شعور صعب، عندما يدركه الشخص يشعر فعلاً بجرح غائر. فجميعنا نحتاج إلى من يرعانا مهما كبرنا ونضجنا، نحتاج إلى من يعلمنا وينصحنا رغم كل ما حصلنا عليه من تعليم وشهادات.
والكتاب المقدس يخبرنا أن الله كان يعاقب شعبه ويجرحهم بتأديب صعب هو أختباء وأختفاء المعلمين والرعاة لهذا الشعب. في البداية لا يُدرك الشعب الجرح والمأساة ولكن بعد مرور زمن يشعرون فعلا ًبالفاجعة فيتسألون ..... أين الانبياء؟ .... أين كلمة الله؟ ...... أين الرعاة؟ ....... أين المعلمين؟
فمن أصعب العصور التي مرت على شعب الله هو فترة صمت الوحي من بعد ملاخي النبي حتى مجيء يوحنا المعمدان.
ولكن يبرز السؤال: لماذا يجرح الله شعبه بهذه الطريقة الشديدة؟ دعونا نرى الإجابة في سفر إشعياء وماذا يقول الله على لسان هذا النبي عن سبب أن الله يجرحهم بإخفاء المعلمين والرعاة. "الَّذِينَ يَقُولُونَ لِلرَّائِينَ: «لاَ تَرَوْا»، وَلِلنَّاظِرِينَ: «لاَ تَنْظُرُوا لَنَا مُسْتَقِيمَاتٍ. كَلِّمُونَا بِالنَّاعِمَاتِ. انْظُرُوا مُخَادِعَاتٍ. حِيدُوا عَنِ الطَّرِيقِ. مِيلُوا عَنِ السَّبِيلِ. اعْزِلُوا مِنْ أَمَامِنَا قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ»." (إشعياء 30: 10، 11). السبب هو أن الشعب كانوا يرفضون كلام الله على فم خدامه ويطلبون منهم أن يكلموهم بأمور ناعمه تريحهم وبأمور مخادعة تخالف حقيقتهم وذلك لراحة ضمائرهم، فهم رفضوا كلام الله .... فرفضوا الله، فكان الرد الإلهي عليهم هو جرحهم بإخفاء المعلمين الأمناء والرعاة الذين حسب قلبه.
ولكن كعادة الله مع أولاده المؤمنين ومع شعبه حتى لو جرحهم هو أن يترك لهم رجاء في الإفتقاد الإلهي وأنتهاء التأديب عند توبتهم، فلنرى هذا التشجيع ورسالة الرجاء التي يعطيها الله لشعبه على فم نبيه إشعياء: "..... لاَ يَخْتَبِئُ مُعَلِّمُوكَ بَعْدُ، بَلْ تَكُونُ عَيْنَاكَ تَرَيَانِ مُعَلِّمِيكَ، وَأُذُنَاكَ تَسْمَعَانِ كَلِمَةً خَلْفَكَ قَائِلَةً: «هذِهِ هِيَ الطَّرِيقُ. اسْلُكُوا فِيهَا». حِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَمِينِ وَحِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَسَارِ." (إشعياء 30: 20، 21).
هل نعاني كمؤمنين أفراد أو ككنائس من جرح غائر هو ... أختفاء الرعاة الذين يهتمون بكل واحد فينا ويطعمونه بأمانة؟ ...... هل نعاني كمؤمنين أفراد أو ككنائس من جرح غائر..... هو أختفاء المعلمين الذين ينصحوننا ويدلوننا ويرشدوننا إلى الطريق؟
فهل نحتاج كمؤمنين أفراد أو ككنائس أن نشعر بهذا الجرح وأن نفحص أنفسنا عن سبب هذا الاختفاء؟ ....... فنتوب لنتمتع مرة أخرى بوعد الله، وبهذا الرجاء...... أن المعلمين الذين أختبئوا بسبب رفضنا للتعليم الذي بحسب كلمة الله عند توبتنا سيرجعون فنراهم وتسمع الآذان كلماتهم لارشادنا إلى طريق الرب فلا نتوه أو ننحرف عنه.