جرح حذاء محمد صلاح
مع كل شهرة اللاعب محمد صلاح، ومحبة الشعب المصري بكل اطيافه له، إلا عندما أحبت بريطانيا أن تكرمه بوضع حذاءه في قسم الاثار الفرعونية وأمام أحد تماثيل ملوكها شعر الشعب المصري بالاهانة والجرح لكرامتهم وحضارتهم ورفضوا ذلك، لأنه مهما كانت عظمة هذا اللاعب ومهما كانت محبة المصريين له إلا أنه لا يليق أبداً المساواة أو التشبيه بين صلاح وأحد ملوكنا الفراعنة العظماء، لأن الهوة في المقام والمساهمة في التاريخ والحضارة عظيم.
ومن هذه الفكرة نستطيع أن نرى جرح يحدث بالمثل عندما يحاول الكثيرون وضع الإنسان أمام الله.. المخلوق في مساواة مع الخالق أي إن كان هذا المخلوق وعظمته ومجده. فالكنائس التقليدية رفعت القديسين والملائكة إلى مستوى الله، وجاء الليبراليون (المتحررون من سلطان الكتاب المقدس) ليضعوا كل إنسان في نفس المقام مع الله، بل أصبح التنبير على الإنسان وقدراته وحقوقه وأهميته يتفوق على مكانة الله. أنه جرح عظيم يشعر به كل أولاد الله أن يضع البعض حذاء الإنسان التراب أمام مجد وعظمة الله رب الحياة، وأنهم يحاولون تمجيد الإنسان على حساب مجد الله.
وهذا ما ذكره الرسول بولس منذ أكثر من الفين عام عندما قال بالروح القدس في رسالته لكنيسة روما عن الاشخاص الذين يبدلون مجد الله بشبه صورة الإنسان، والذين عبدوا المخلوق دون الخالق.
"لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ. إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ لأَنَّ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ وَلاَهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى وَالطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ وَالزَّحَّافَاتِ. لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضاً فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِم الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ." (روميه1: 18 – 25)
فهل نحن اليوم نضع حذاء محمد صلاح أمام حضارتنا وتاريخنا وملوكنا القدامى العظماء، وبنفس الطريقة روحيًا هل نحن نضع التركيز على الإنسان، والفلسفة البشرية، وحقوق الإنسان، والتنمية البشرية، والعلوم الإنسانية، أمام الله فنجرح مجده بيننا. كثير من الكنائس تحول الوعاظ والمعلمين والخدام فيها إلى مدربين تنمية بشرية وأصبح وعظهم ليس من كلمة الله ومفهومه عن الإنسان بل محاضرات من نوع كيف تحصل السعادة أو النجاح أو تكون شخصًا قويًا، وأصبحت آيتهم: "كانت التنمية البشرية والفلسفة والعقل مع يوسف فكان رجلاً ناجحًا".
بالطبع كل الأمور التي ذكرتها فيما يتعلق بالإنسان أمور طبيعية وجيدة بل أقول أنها النعمة العامة المهداه من الله للبشر ولكن...............
• عندما تأخذ هذه الأمور البشرية مكانة أعظم من الله فنحن نبدل مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الإنسان الذي يفنى.
• ونحن عندما نركز على الإنسان أكثر من الله والفلسفة والعقل أكثر من كلمة الله فنحن نعبد المخلوق دون الخالق ونجرح الله الذي أحبنا وأعطانا كل هذه الإمتيازات كبشر لإننا عل صورته خُلقنا.
فهل نتوب ونطلب الغفران من أهم شخص أحبنا لأننا جرحناه بوضع حذاء الإنسانية أمام مجده؟!
# جرح _ حذاء _ محمد _ صلاح.