جروح الأناء المكسور
أي إناء خزف أو زجاج عندما ينكسر الكل يتحذر منه لأنه في هذه الحالة لن يكون الكأس اللطيف أو الفازة الجميلة بل ستكون حوافه المكسورة جارحة بل قاتلة يجب تجنبها والانتباه لها والحذر منها جيدًا.
هكذا الشخص المكسور من داخله لن يكون هو الشخص الطبيعي العادي الذي الكل يعرفه ويحبه ذو الوجه الطلق واللسان العف والقلب العطوف، والمشاعر الرقيقة. لكنه سيكون جارحًا لمن حوله وعلى جميع من يحيط به أن يتجنبه ويتحذر منه.
فاحيانًا كثيرة نعرف شخص مقرب لنا ونعرف عنه أنه شخص لطيف ومحب وخدوم نحب أن نتعامل معه كما أننا نثق فيه، وفجأة في وقت ما نراه متحولاً إلى شخص أخر عنيف: ردوده قاسية، ومشاعره متجمدة، وقلبه ينضح كرهًا. فلسانه كالسوط، وشفاهه مملؤة سُمًا، ووجه يرسم الكآبة أو الحيرة. ونبدأ نتسأل لماذا حدث معه هذا وما سر هذا التحول الفظيع، والبعض يبدأ بالرد عليه بنفس أسلوبه بدون سؤال (فالعين بالعين)، وأخر يقرر أن يبتعد عنه ويتجنبه تجنبًا لتعرضه للجروح منه بسبب قساوته وعنفه.
والمشكلة الأكبر إذا كان هذا الشخص متقلبًا فهو ساعة شخص جيد التعامل معه ولكن حين يتذكر جروحه يصبح شخص مستحيل التعامل معه، مما يسبب حيرة لمن يتعاملون معه، هل يعاملونه بشخصيته الأولى أو يعاملونه على أساس التحولات التي تحدث منه.
فيجب أن ننتبه للشخص الذي يجرح، خاصة عن غير طبعه أو عادته، فهو من الداخل مكسور، فهو لا يريد أن يكون شخصًا قاسيًا ولا يريد أن يخسر من حوله.... لكن جروحه تتحكم فيه! وهو أسير هذه الجروح لا يعرف كيف يتحرر منها، لذا فهو يحتاج إلى المساعدة أكثر من الإدانة، والعطف أكثر من الملامة.
والكتاب المقدس يقدم لنا المرأة السامرية (يوحنا 4) كنموذج للمجروح الذي يجرح، فهي تكلمت مع الرب يسوع في البداية بسبب جروحها وخلفيتها بطريقة جافة ومتشككة وساخرة، وإن كانت تكلمت مع الرب يسوع كرجل غريب وضيف على قريتهم بهذه القساوة فلنا أن نتخيل طريقة كلامها مع أفراد عائلتها وأهل قريتها ومدى الانفصال بينها وبينهم.
ولكن الرب يسوع أحتواها وأحتمل الجروح منها لأنه كان كاشفًا للكسور التي في داخلها، وعندما لمس قلبها تحولت إلى شخص أخر محب لجيرانه وأهل ضيعته فذهبت تخبرهم عن المسيا المخلص فأمنت كل القرية بسببها.
فيا من تعاني من كسور داخلية تُخفيها عن الجميع وتتحكم فيك فتجعل تُظهر كل قساوة وتجريح لمن حولك، هناك مخلص يعرف هذه الكسور ويعرف كيف يشفيها وكيف يحتويك ويحولك إلى شخص أخر الجميع ينبهر بالتغيير الحادث له.
ويا من تتعامل مع أشخاص طبعهم حاد وقاسي، فقبل أن تدينهم أو تبتعد عنهم حاول أن تساعدهم على الشفاء أو على الأقل صلي لأجلهم وأحضرهم إلى المخلص في عرش النعمة ليشفيهم. وتأكد أنه إذا شُفيت جروحهم سيتعدل سلوكهم.