البديل المجروح
في هذا الشهر كان أخوتنا المسلمين يحتفلون بعيد الأضحى كذكرى للأضحية التي قُدمت كبديل عن إسماعيل، وبعيدًا عن الأختلاف معهم حول الشخص الذي قامت الذبيحة البديلة بفداءه إن كان إسمعيل أم كما تخبرنا التوراة - (أول وأقدم مصدر لذكر قصة إبراهيم وتقديمه لإسحق ابنه) ويؤكد عليه الإنجيل (ثاني أقدم مصدر لذكر قصة إبراهيم وتقديمه لإسحق ابنه) - أنه اسحق ابن إبراهيم من سارة زوجته. المهم هو أن تركيزنا هنا هو على البديل الذي فدى ابن إبراهيم ألا وهو الذبيحة أو الكبش (الحَملْ) الذي جُرح بدلاً عن ابن إبراهيم "اسحق" (تكوين 22: 1- 14)
فهذا الذبيح قدمه الله لكي يُجرح بدلاً من الشخص الذي من المفترض وقوع الذبح عليه. لكن السؤال: هل هذا الفادي البديل والمجروح في هذه القصة الكتابية فدى الشخص من الموت أم أنها كانت مجرد تمثيلية؟ الجواب: بالطبع من الموت، فإبراهيم خليل الله كان سيذبح بالفعل اسحق ابنه من سارة كما طلب من الرب. فهذا الكبش فدى اسحق من الجرح والذبح والموت كبديل عنه.
ولكن هذا يقودنا لسؤال أخر وهو: هل البديل المجروح عن الإنسان من الممكن أن يكون مجرد حيوان أي إن كان نوعه تيس أو خروف أو كبش. الجواب: لا، فكما يقول الكتاب المقدس: " لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَاا" (عبرانيين 10: 4) لأن كيف تكون قيمة حيوان تساوي قيمة إنسان ليفديه، إذًا فالثيران والخرفان كلها كانت مجرد رمز لذبيح أعظم تساوي قيمته الإنسان أو كل البشر، لأنه سيحتاج أن يفدي كل البشر.... فمن هو هذا البديل المجروح والمذبوح.
تنبأ عنه إشعياء النبي (حوالي 700 سنة قبل الميلاد) أنه هو من سيكون البديل المجروح قائلاً: "لَكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَاباً مَضْرُوباً مِنَ اللَّهِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْماً وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ. أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحُزْنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا. لِذَلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ." (إشعياء 53: 4 – 12)
لم يستطع اليهود أن يفهموا من هو هذا الشخص الذي تنبأ عنه إشعياء النبي أنه سيكون البديل المجروح والمذبوح عن كل البشر حتى أتى يوحنا المعمدان (يُعتبر أخر أنبياء العهد القديم) ورأى يسوع المسيح فقال: "وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ فَقَالَ: هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ." (يوحنا 1: 29)
أنه يسوع المسيح حمل الله الحقيقي الذي جُرح وذُبح بديلاً عن كل البشر، فهو البديل المجروح، وهو الحمل الذي قبل طوعًا أن يُذبح لأجل إنقاذ البشر من دينونة الله وغضبه بسبب خطاياهم، فهو الأضحى الحقيقي لجميع البشر....فهل نقبل هذا البديل الحقيقي والكافي لإنقاذنا وفدائنا من العقاب؟ أم نرفضه ونظل في خطايانا وتحت دينونة الله وعقابه.