الشهر المجروح
كنت أتصور أن البشر وحدهم هم المتعرضين للجروح، ولكنني فوجئت أن هناك أشياء من الممكن أن تُجرح هي أيضًا. على سبيل المثال: هذا الشهر (شهر فبراير) فكم جُرح هذا الشهر من البشر، فهناك من أعتبره شهر نحس أو الشهر الفقر فأسموه "فقراير" نسبة إلى الفقر، فهو الشهر الذي يراه الموظفون يسير ببطىء والمرتب فيه يطير بطريقة مذهلة، فيغطي النحس كل الأحداث التي تحدث خلاله.
فبالرغم أن هذا الشهر بالذات هو أقصر شهور أقصر الشهور السنة لا أطولها، فكثيرين يشعرون بطوله ويتمنون أن يمضي ويمر بأي طريقة وكأنه ثقل على قلوبهم.
وأيضًا من الأشياء المجروحة من البشر الرقم الثالث عشر، فهذا الرقم مضطهد ويتعرض للجروح من الكثيرين. أنه الرقم "13" رقم الفقر الذي يتشائم منه الناس، فاليوم الـ 13 يوم مرعب والسنة الثالثة عشر في عمر الإنسان سنة شؤم. فالناس تتفائل أو تتشائم من أشياء عدة رغم أن هذه الأشياء ليس لها ذنب في ذاتها، ولو لهذا الشهر أو هذا الرقم قدرة على التكلم لتسائل: لماذا جرحتوني .. لماذا تتهموني أنني مصدر للشؤم لكم وأنا مجرد شهر أو رقم؟
لكن دعونا ننتقل لنقطة مهمة في هذه الموضوع، فمن الممكن أن يكون التشائم والتفائل مقبول إذا صدر من شخص ليس له رجاء في الله أو معرفة به، ولكنماذا عن المؤمن؟ هل المؤمن يحق له أن يتفائل أو يتشائم؟ رد الكتاب المقدس عن هذا الأمر واضح تمامًا عندما يوصي الرب شعب إسرائيل قبل دخولهم أرض كنعان أن: "لا يُوجَدْ فِيكَ.............. عِرَافَةً وَلا عَائِفٌ وَلا مُتَفَائِلٌ......" (تث18: 10) فالشخص الذي يتشائم أو يتفائل هو في الحقيقة ينكر سيادة الله على هذا الكون وينكر أيضاً العناية الإلهية التي تسيّر كل شئون الخليقة. فالمؤمن لأنه يثق في إلهه فهو لا يتشائم بسبب يوم أو شهر أو رقم لأن الله هو الراعي له في كل الظروف، وهو لا يتفائل بيوم أو رقم لأنه يعرف أن إلهه هو مصدر الخير والإحسان. فكيف لشخص مؤمن حقيقي أن يتابع "الأبراج" و"حظك اليوم" ويجعلها تتحكم في حياته فتقوده إلى التفائل والتشائم.
في ذات الوقت كيف يعقل العقل ويقبل المنطق أن شهر معين من السنة يكون شؤم أو خير، وكيف يكون رقم بذاته نحس بالنسبة لإنسان ما. ولا ننسى بالطبع الدراما المصرية الكوميدية "شرارة" والتي فيها أصبح شابًا بسيطًا سببًا للنحس في ذهن كل من حوله حتى تشائم منه الجميع وجرحوه وقادوه للأنتحار ليستريح من نظرة الناس، كل هذا وهو ليس له ذنب في أي شيء.
عزيزي القارىء تفائلك أو تشائمك من شهر أو رقم أو شخص هو أمر يهين إلهك، وهو إعلان عن عدم ثقتك في حمايته أو ثقتك في شيء أخر كأنه مصدر الخير لك عوضًا عن الله، فهل نتوقف عن هذه الممارسات التي في الحقيقة تجرح الله.