حضن القنبلة بإرادته الحرة
في الحادثة المؤلمة التي حدثت بالكنيسة المرقسية بالاسكندرية قيل أن عامل الكنيسة هو من منع الأرهابي من دخول الكنيسة وذلك بوقوفه في طريق الانفجار مما أنقذ الكثيرين وأوقف قتل المزيد من الأبرياء. فهذا الرجل الشهم كأنه حضن القنبلة بجسده حتى لا تقتل الناس، فعل هذا لا إراديًا فهذا رد فعل أي شخص شهم ومحب.
فمن الممكن أن الشخص يُسفك دمه في حادثة ما بدون إرادته مثل ما حدث لأخوتنا في كنيستي طنطا والاسكندرية، ولو كان الشخص بيده فمن المؤكد أنه لما قبل أن يُجرح أو يُسفك دمه. ولكن أن يسفك شخص دمه بإرادته الحرة فهذا هو الأمر الصعب أو قل المستحيل على بني البشر.
هذه الحوادث حدثت ونحن نحتفل في هذا الشهر بذكرى تقديم الرب يسوع - الإله المتجسد - نفسه فدية وكفارة لأجل خطايانا، فهو قد سفك دمه... ولكن.... ليس بدون إرادته. فالمناظر التي رأيناها واقشعرت لها ابداننا في طنطا والاسكندرية، نفسها هي كانت منظر الرب أثناء التعذيب والصلب، وكما يقول عنه بروح النبوة النبي إشعياء: "لا منظر له ولا جمال فنشتهيه" (إشعياء 53: 2) ولكن الفرق أن الرب قبل جراح الصليب بإرادته الحرة، فالصلب لم يحدث فقط لأن الأشرار يهود ورومان أرادوا هذا وخططوا له، وكما قال الرب عن نفسه:
"أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي. كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الآبَ. وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ الْخِرَافِ. وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هَذِهِ الْحَظِيرَةِ يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضاً فَتَسْمَعُ صَوْتِي وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ. لِهَذَا يُحِبُّنِي الآبُ لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لِآخُذَهَا أَيْضاً. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً. (يوحنا10: 14 – 18) أربع مرات يكرر الرب في هذه الآيات أنه سيضع نفسه (يسفك دمه) ولكن...بإرادته.
هل سمع أحد من قبل ذلك الشيء؟ .. هل يتصور عقل أن هناك من يسفك دمه بإرادته؟
فكأن الرب يسوع أحتضن قنبلة الغضب الإلهي والدينونة الإلهية بجسده على الصليب ليفديني، ولكن الأهم أنه فعل هذا بإرادته، لم يغصبه الآب ولا أجبره الشيطان ولا أضطره البشر، ولكن... هذه هي إرادته ومسرة قلبه أن يُكسر جسده على الصليب من أجلي.
تعظم نفسي الفادى الذي فداني بإرادته، وأُصلي أن يكون لي وللجميع روح الفداء في ذكرى أكبر عملية إنقاذ في التاريخ.