جرح التشفي (شمعي بن جيرا)
"وَلَمَّا جَاءَ الْمَلِكُ دَاوُدُ إِلَى بَحُورِيمَ إِذَا بِرَجُلٍ خَارِجٍ مِنْ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَةِ بَيْتِ شَاوُلَ اسْمُهُ شَمْعِي بْنُ جِيرَا، يَسُبُّ وَهُوَ يَخْرُجُ، وَيَرْشُقُ بِالْحِجَارَةِ دَاوُدَ وَجَمِيعَ عَبِيدِ الْمَلِكِ دَاوُدَ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ وَجَمِيعُ الْجَبَابِرَةِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. وَهَكَذَا كَانَ شَمْعِي يَقُولُ فِي سَبِّهِ« اخْرُجِ اخْرُجْ يَا رَجُلَ الدِّمَاءِ وَرَجُلَ بَلِيَّعَالَ! قَدْ رَدَّ الرَّبُّ عَلَيْكَ كُلَّ دِمَاءِ بَيْتِ شَاوُلَ الَّذِي مَلَكْتَ عِوَضاً عَنْهُ، وَقَدْ دَفَعَ الرَّبُّ الْمَمْلَكَةَ لِيَدِ أَبْشَالُومَ ابْنِكَ، وَهَا أَنْتَ وَاقِعٌ بِشَرِّكَ لأَنَّكَ رَجُلُ دِمَاءٍ!»" (2صموئيل 16: 5)
هذا فصل جديد من قصة مأساة داود النبي والملك وهروبه أمام ابنه إبشالوم، فاثناء هروبه هو وعائلته وحاشيته من اورشليم خرج رجل من عشيرة شاول الملك اسمه شمعي يسب ويرشق بالحجارة داود ويكيل له الاتهامات الفظيعة بأنه رجل دماء ورجل بليعال "الشيطان" وأن الله ينتقم منه بسبب دماء بيت شاول.
لم يكن داود يستحق هذا، ولم يكن ما يقوله شمعي عنه صحيحًا، وحتى وإن كان صحيحًا فلا يجب أن الشخص المؤمن يتشفى في ضيقة ومصيبة أحد. فداود لم يمد يده على شاول الملك مسيح الرب ولا على أولاده، بل العكس صنع إحسانًا مع مفيبوشث بن يوناثان بن شاول. ولم يكن داود رجل الشيطان، لأن الله نفسه يشهد عن داود قائلاً: "... وَجَدْتُ دَاوُدَ بْنَ يَسَّى رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِي الَّذِي سَيَصْنَعُ كُلَّ مَشِيئَتِي." (أع13: 22). فبالرغم من خطايا داود لأنه ليس إنسانًا كاملاً، ونحن جميعًا خطاة وفي الموازين إلى فوق وكل ما يحدث من ظلم في هذه الحياة ناتج عن الشر الذي ادخلناه نحن إلى العالم عن طريق ابونا آدم، إلا أن ما قاله شمعي هو افتراء، ونوع من أنواع التشفي في شخص وقت بلواه، وهذا أسوأ أنواع التجريح.
فعندما يمر شخص في بلوة ينتظر أن يجد من حوله يعزونه ويشجعونه لا أن يجرحونه بالتشفي في مصيبته، وخاصة إذا كنا جماعة مؤمنين، فعندما يمر مؤمن في آلم يجب علينا نحن أعضاء جسد المسيح أن نمكّن المحبة للعضو المتألم لا أن نتشفى فيه. فالتشفي أسوأ أنواع الخطايا لأني استغل ضعف وانكسار من حولي لأجرحه بأن أتشفى فيه.
لكن كان رد داود على هذا الجرح أنه أعتبر أن الأمر وراءه الله فسلم الأمر له، ولم يرغب أن يرد رغم قدرته على الرد واسكات شمعي بل قطع لسانه بل قتله، وهذا ما طلبه يوآب رئيس جيش داود.
ودافع الله عن داود وأرجعه إلى ملكه بعد موت شاول ومات شمعي عقابًا له عن الشر والتجريح والتشفي الذي صنعه مع داود في أصعب أحواله. فالكتاب يشهد عن أمانة داود وهو أيضًا يسجل فظاعة شمعي المتشفي.
فلنحذر من جرح الآخرين بالتشفي فيهم وقت الآمهم.