أعظم الجروح هي التي تكون مغلفة بغلاف ديني أو التي تقع باسم الله. فهناك من يجرح أو يقتل وهو يكتب على السكين "صناعة إلهية"، والله منهم براء.
في القديم وأثناء عصر الكنيسة الأولى كان شاول الطرسوسي اليهودي يضطهد المسيحيين ويطاردهم حتى ابواب دمشق، وقد كان يفعل هذا كله باسم الله ودفاعًا عن دين الله كما افهموه قادة الدين اليهودي.
أما في أيامنا المعاصرة نستطيع أن نرى جميعًا كيف ازدادت في الأيام الأخيرة فتاوي القتل، وازدادت تهديدات الملاحقة والعنف دفاعًا عن الله ودينه، وهناك من يمارس القتل بالفعل... وعندما يبرر ما يفعله ....يكون رده "لأجل نصرة دين الله".
وبالرغم أن دفاع وحجة القتلة دائمًا هي: أنهم يقتلون لأجل الله، إلا أن الناس دائمًا ما يتسألون ما هو دين القاتل؟ وأي دين الذي يتم الدفاع عن شئونه بقتل نفس بشرية؟ فالناس لا يستطيعوا أن يقبلوا فكرة أن القاتل مهما كانت حجته عنده دين، أو ينتمي أنتماء حقيقي لله.
فهؤلاء القتلة يتناسون أن الله لا يطلب منهم القتل باسمه بل بالعكس هو لا يسكت على سفك الدماء
"لأَنَّهُ مُطَالِبٌ بِالدِّمَاءِ." (مزمور9: 12) بل هو أيضًا يكره من يسفك الدم "
رَجُلُ الدِّمَاءِ وَالْغِشِّ يَكْرَهُهُ الرَّبُّ. " (مزمور5: 6).
وإذا انتقلنا من خارج اسوار الكنيسة إلى داخله، وبالرغم أننا لن نجد من يقتل بالمعنى الحرفي، ولكن للأسف نجد أن هناك من يجرح أخوته (والجروح أحيانًا تكون أصعب من القتل) باسم الله أو دفاعًا عن عمل الله أو لحفظ قداسة جماعة الله. فهناك من يُفضل أن يرجم المُخطىء (حسب وجهة نظره) ويميته..... لا أن يجعله يعيش التوبة ويختبر التغيير.
فكثيرًا ما نرى شخص في الكنيسة يتكلم عن اخطاء أخوته في كل مكان ومع الجميع وباستمرار بدعوة أنه خائف على الخدمة والكنيسة وعمل الله، فيغرز خنجره مرة في ذاك واخرى في تلك وتجريحه يطال الجميع بلا استثناء ولسان حاله يدّعي بأنه أكثر الجميع دينًا وتقوة وإيمانًا مما يجعله يفعل أو يقول ما يقول. وكما يصفهم الكتاب المقدس "
لأَنَّهُ لَيْسَ فِي أَفْوَاهِهِمْ صِدْقٌ. جَوْفُهُمْ هُوَّةٌ. حَلْقُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ. أَلْسِنَتُهُمْ صَقَلُوهَا. " (مزمور5: 9). بل ويعتبر تجريحهم للأخرين نوع من أنواع القتل "فَ
مُهُ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَغِشّاً وَظُلْماً. تَحْتَ لِسَانِهِ مَشَقَّةٌ وَإِثْمٌ. يجْلِسُ فِي مَكْمَنِ الدِّيَارِ فِي الْمُخْتَفَيَاتِ يَقْتُلُ الْبَرِيءَ. عَيْنَاهُ تُرَاقِبَانِ الْمِسْكِينَ." (مزمور10: 7،
وينسون أن رد الله عليهم سيكون بقطع السنتهم "
يَتَكَلَّمُونَ بِالْكَذِبِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ صَاحِبِهِ بِشِفَاهٍ مَلِقَةٍ بِقَلْبٍ فَقَلْبٍ يَتَكَلَّمُونَ. يَقْطَعُ الرَّبُّ جَمِيعَ الشِّفَاهِ الْمَلِقَةِ وَاللِّسَانَ الْمُتَكَلِّمَ بِالْعَظَائِمِ .(مزمور 12: 2، 3)
في ذات الوقت نجد أن المجروحين يتسألون ما هو دين هذا الشخص؟ وما هو نوع إيمانه الذي يحضه على فعل هذه الأفعال أو الأقوال الشريرة؟. فينتهوا لنتيجة واحدة ألا وهي: إما أن دين هذا الشخص وإيمانه خطأ وشرير..... وإما أنه ليس عنده دين أو إيمان بالمره.... فإما أن الخطأ خطأه هو......أو هو خطأ دينه الذي يعتنقه.
في النهاية أحذر من خطورة التجريح باسم الله داخل الكنيسة، لأن هذا يسيء لرب الكنيسة، فالمجتمع الروحي ليس هو الذي ينتشر فيه التجريح بدعوى التقوى، لكنه المجتمع الذي تنتشر فيه التقوى التي تقود للغفران والستر والمساعدة والتدعيم وعدم التجريح.