جميعُنا مجروح....فمن الجارح؟!
هذا أخ جاء ليعلن لي أنه مجروح من الأخ فلان...ثم جاء الأخ فلان ليعلن لي أنه مجروح من الأخ ذاته الذي شكى لي سابقًا. وهذا راعي كنيسة يشكو أن هؤلاء الاشخاص من الشعب قد جرحوه... ثم يأتي هؤلاء الأشخاص أنفسهم ليشكوا أن الراعي قد جرحهم! فالسؤال الذي سيطرح نفسه منطقيًا إن كان الكل في دور المجروح فمن في دور الجارح؟ وإن كان الكل يشكو من ذات نوع الجروح ومن نفس درجة صعوبتها للأحتمال فماذا يُعني هذا؟
الأمر الأكثر غرابة هو أن الكل يرى أن هناك حل واحد لهذه الجروح ألا وهو إما أن يترك هو الجماعة وينفصل عنهم ويستريح أو يُبتر هذا العضو الأخر الذي يضايقنا فتستريح الجماعة. والكل مشترك في نفس اتجاه التفكير.
هذه الحالة لا تخص كنيسة واحدة أو جماعة واحدة بعينها بل عدد كبير من الكنائس والجماعات المسيحية تعاني نفس هذه الحالة وهي أن جميعنا مجروحين ولا أـحد يريد أن يقول ولو لمرة أنه هو الجارح أو المخطأ وكأن الجارح مجهول. ولكن هذه الحالة تذكرني بمجنون كورة الجدريين الذي كان يجرح نفسه بيده وهو لا يشعر بذلك والنتيجة أن كل الجسد أصبح مسخن بالجروح وكل عضو يئن من جرحه وهو لا يرى غير أن العضو الأخر يجرحني وهو لا يرى أنه هو أيضاً يجرح عضواً أخر والنتيجة النهائية دمار للجميع. فالمجنون هو فقط الذي لا يعرف أن الجزء الذي يجرحه هو عضوه وجزء من جسده، والمجنون هو الذي يشعر دائماً بأن الأخرين يجرحونه وهو لا يجرح أحداً.
" وَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ اسْتَقْبَلَهُ مِنَ الْقُبُورِ إِنْسَانٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ كَانَ مَسْكَنُهُ فِي الْقُبُورِ وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَرْبِطَهُ وَلاَ بِسَلاَسِلَ لأَنَّهُ قَدْ رُبِطَ كَثِيراً بِقُيُودٍ وَسَلاَسِلَ فَقَطَّعَ السَّلاَسِلَ وَكَسَّرَ الْقُيُودَ فَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يُذَلِّلَهُ وَكَانَ دَائِماً لَيْلاً وَنَهَاراً فِي الْجِبَالِ وَفِي الْقُبُورِ يَصِيحُ وَيُجَرِّحُ نَفْسَهُ بِالْحِجَارَةِ". (مرقس5: 1- 5)
وكما هو مسجل في كلمة الله أن الحل الوحيد لهذا الشخص المجنون الذي يجرح نفسه هو أن يقابل الرب يسوع بسلطانه على الضعف والفتور وغياب البصيرة لترجع الكنيسة إلى نفسها لتعرف أننا جميعنا مضروبين بهذا الفساد ونحتاج أن نعترف أننا جميعنا مخطئين جرحنا بعضنا بعض بلا براءة أو استثناء، ثم نرجع للرب ليشفينا وليوحد قلوبنا مرة أخرى كجماعة كجسد للمسيح كل الأعضاء فيه مهمة وبتر أحدها ثم الأخر ثم التالي ليس هو الحل بل الأعتراف هو الحل ويسوع هو الحل.
" فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ مِنْ بَعِيدٍ رَكَضَ وَسَجَدَ لَهُ" (مر5: 6) "وَجَاءُوا إِلَى يَسُوعَ فَنَظَرُوا الْمَجْنُونَ الَّذِي كَانَ فِيهِ اللَّجِئُونُ جَالِساً وَلاَبِساً وَعَاقِلاً فَخَافُوا." (مر5: 15)