يصرخ الإنسان إذا تعرض لجرح بسيط فى يده،ويمسكها محاولاً تضميد الجرح.ولكن إذا هذا الشخص نفسه ضُرب برصاصة فى كتفه فلن يرى أو يتذكر الجرح الذى كان فى يده بل سينشغل تمامًا بالرصاصة التى فى كتفه،فدائمًا ما الجرح الكبير يُنسى الإنسان الجرح الصغير.
ففى بداية هذه السنة الجديدة سنة 2011 جُرحت الكنيسة المصرية بكل طوائفها ومذاهبها بجرح غائر تسبب فيه يد أثيمة وشريرة،عندما قُتل وجُرح عشرات المصلين بكنيسة القديسين بالإسكندرية فى الساعة الأولى من العام الجديد.
والغريب أن قبل هذا ومن عدة شهور قليلة جّرحَ أحد أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية الكنيسة الإنجيلية أثناء دفاعه عن طائفته بكلمات وترت العلاقة بين الكنيستين وآلمت كل الإنجيليين بكل مذاهبهم.
وقبل هذا وذاك جرّحت المذاهب الإنجيلية بعضها البعض كلاً دفاعًا عن مذهبة وذلك بالكتابة فى الكتب أو المقالات أو بالتعليم داخل الكنائس.وكأنه لا توجد طريقة يعرض أو يدافع المعلمين بها عن مذاهبهم إلا بجرح المذاهب الآخرى.بل وحتى داخل المذهب والمجمع الواحد طُرح الجرحى(المقصود الجروح النفسية)على كل جانب بدعاوى كثيرة كانت نتائجها أصعب من قيمتها.
وقبل كل هذا جرّح المؤمنون أعضاء الكنائس مع أختلاف طوائفهم ومذاهبهم بعضهم البعض بأنشقاقات وتحزبات داخلية مما تسبب فى زيادة عدد المجروحين بالكنائس وزيادة عدد الكنائس التى تعانى من الأنقسام والضعف.
وبمتابعة هذه الأحداث المختلفة والتى تسببت فى جروح كثيرة ومتنوعة سنجد أنه دائمًا ما الجراح الكبيرة تنسى الجميع بل وُتزيح عن المشهد الجراح الصغيرة.
فتجريح أعضاء الكنائس بعضهم لبعض أُزيح وأختفى عند تعرضت الكنيسة الإنجيلية للأساءة من أحد الأساقفة،و تجريح المذاهب المسيحية بعضها لبعض أُزيح وأختفى عند تعرض كنيسة الإسكندرية للعدوان،فرأينا جميع الطوائف فى مصر تتحد فى الصلاة والخدمة لوقف الشر ضد الكنيسة فى مصر،فهذا إجتماع للصلاة يضم قسوس أرثوذكس وإنجيليين وكاثوليك،وذاك برنامج فى قناة مسيحية يتكلم فيها الكاهن الارثوذكسى بجانب القسيس الإنجيلى.
فبالفعل الجروح الكبير تُزيح الجروح الصغيرة.
وهذا يقودنا إلى سؤال هام،وهو،هل الجرح الكبير بدء فقط عندما تم تفجير كنيسة الإسكندرية؟!ألم تكن الحرب ضد المسيح وضد الكنيسة وضد المسيحيين وضد الإيمان المسيحى مستمرة من عشرات السنين؟أم نحتاج إلى رصاص وقنابل لننتبه ككنيسة فى مصر لهذا الجرح الكبير المستمر طوال عقود ولا يندمل.
وإذا كان لدينا كمسيحيين فى مصر بكل طوائفنا ومذاهبنا جرح كبير فلماذا ننتبه ونعطى مجالاً كبيرًا للجروح الصغيرة بيننا وننشغل فيها فنبدد طاقتنا التى هى طاقات ملكوت الله فى تجريح بعضنا البعض أو فى الرد على التجريح بتجريح،أليس بالأولى أن ننتبه للجرح الكبير ونعمل على علاجه ونترك الجروح الصغيرة... فهذا هو المنتظر من أى إنسان طبيعى.
فهذه دعوة لأعضاء الكنائس:أنسوا جراحكم الصغيرة فيما بينكم ولتتحدوا لمجابهة الجرح الكبير.وأيضًا للمذاهب والطوائف المختلفة:أنسوا جراحكم الصغيرة التى سببتها المنافسة وأتحدوا ككنيسة مصرية واحدة لمجابهة الجرح الأكبر لعل الله يرحمنا ويفتقدنا.
فهل من عقلاء؟!
القس/جوزيف موريس