بالطبع هناك فرق بين الاحساس والحساسية، فالاحساس امر طبيعى إن خلا منه الانسان فقد طبيعته الانسانية ، و لكن الحساسية هى مرض يكون المريض فيه رد فعله (لما هو طبيعى لكل الناس) شديد و ليس متساوى مع الامر.
فالانسان الطبيعى عندما يتعرض لدخان او هواء ملوث يتهيج صدره و هذا امر طبيعى ، كل انسان يجب ان يظهر رد الفعل هذا و الا فهو جماد و ليس انسان ، اما المريض بحساسية الصدر فهو حتى اذا تعرض لدخان بسيط او هواء ملوث فى المعدل الطبيعى فان ردة فعله ستكون هائلة من اختناق و غيبوبة و من المحتمل موت ، بالرغم ان المعدل الذى تعرض له معدل محتمل ، فالمشكلة هنا هى انه مريض بالحساسية و ليس المشكلة ما تعرض اليه.
و ان كان الاحساس مطلوب و مرغوب الا ان الحساسية المرضية امر خطير و مدمر ، لذات الانسان و لعلاقته مع من حوله.
فاذا تعرض انسان طبيعى ذو احساس لأذى ممن حوله فانه يشعر انه جُرح و يبدأ فى التعامل مع الموقف بحسب ما يستحق .
اما الانسان المريض بالحساسية فمن الممكن ان ما يتعرض له ممن حوله يكون امر بسيط و عادى و الجميع يتعرضون له و يحتملونه حتى لو كانت امور هى فى الحقيقة سيئة ،و لكنه هو يشعر بأنه جُرح جروح غائرة و ان من حوله تسببوا فيما لا ينفع له علاج اوشفاء، و يصبح رد فعله لا يتناسب مع ما تعرض اليه.
ففى الحقيقة ان فى هذه الحالة لا نستطيع أن نقول أن هذا الشخص جُرح ممن حوله ، و لكن هو من جرح نفسه بنفسه ، و هذا بالطبع امر غير اعتيادى .
و نرى هذه الفكرة فى قصة مجنون كورة الجدريين المذكورة فى مر 5 : 6 " و كان دائما ليلا و نهارا في الجبال و في القبور يصيح و يجرح نفسه بالحجارة".
فهذا الشخص من كورة الجدريين لاسباب مرضية و بدون ان يجرحه احد اصبح هو الذى يجرح نفسه بنفسه .. بالطبع بدون وعى .. و اعتقد انه من الممكن انه بعد ان يجرح نفسه ان يلقى اللوم على من حوله .. متوهما انهم هم الذين يجرحونه ، فيبدأ بالتهجم عليهم و محاولة الفتك بهم ، و تجريحهم كما جرحوه حسب توهمه.
فالانسان المصاب بالحساسية المفرطة و هو عضو فى كنيسة ما ،كثيرا ما يُجرح نفسه و يتهم من حوله من اخوة الكنيسة انهم يجرحونه ، و الحل اما ترك الكنيسة او جرحهم كما جرحوه.
لذا دعونا احبائى قبل ان نتهم الاخرين بتجرحيهم لنا ، و قبل ان نرثى لذواتنا ... ان نتأكد .. هل بالفعل من حولنا هم الذين يجرحوننا جروح حقيقية ، ام اننا نتوهم الامر، و فى الحقيقة اننا نجرح ذواتنا ، فيكون العلاج و الحل لا ان يعترف الاخرين بخطئهم نحونا و لكن نعترف نحن ان المشكلة فينا .
و كما ان المريض بداء الحساسية يحتاج الى بيئة خاصة و فترات نقاهة ليشفى ، كذلك فالمؤمن الذى يعانى من هذا الامر يحتاج ايضا ان يقضى فترة نقاهة فى اختلاء مع الرب او فى وسط روحى ذو هواء نقى بعيدا عن مكانه الاصلى لفترة محددة حتى تتجدد حياته و نفسيتهر.
فنحن فى هذه الحالة نحتاج ان نقابل السيد العظيم ...القدير ... الرحوم .... المترفق .... العطوف .... الطبيب العظيم ، و النتيجه الاكيدة هى اننا سنُعالج ،و تتحول حالتنا و نفسيتنا ، فنهدأ بلمسة منه ثم :
نجلس و نلبس و نتعقل.
القس / جوزيف موريس