جرح توريط الله
فَقَالَ مِيخَا: «الآنَ عَلِمْتُ أَنَّ الرَّبَّ يُحْسِنُ إِلَيَّ، لأَنَّهُ صَارَ لِيَ اللاَّوِيُّ كَاهِنًا. (قض17: 13)
هل الله يُغير نفسه؟ أم هل نحن قادرون على تغيير الله؟
هل أحيانًا نجرح الله بمحاولة توريطه معنا في أخطائنا؟
هذه القصة المذكورة في سفر القضاة والتي دارت أحداثها في عصر من أسوء عصور تاريخ الشعب اليهودي ألا وهو عصر القضاة في الفترة ما بين يشوع وصموئيل، حيث يصف السفر هذا العصر "فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ. كُلُّ وَاحِدٍ عَمِلَ مَا حَسُنَ فِي عَيْنَيْهِ." (قضاة 21: 25)" أي أن شعب إسرائيل ترك الرب ووصاياه وفعل كل شخص ما يحلو في عينيه.
أما في أصحاح 17 فقد قام أحد اليهود واسمه ميخا بعمل معبد أوثان خاص به في بيته بمساعدة أمه، وفي ذات الوقت قابل لاوي قد ترك خيمة الاجتماع (مكان عبادة الله قبل بناء هيكل سليمان) حيث مكان خدمته ليتغرب طلبًا للمال، وعندما قابله ميخا عرض عليه أن يعمل عنده كاهنًا خاصًا له، ففرح اللاوي بالعرض السخي وأصبح كاهنًا خاصًا في معبد الأوثان الخاص بميخا.
من الأمور التي يجب أن نلاحظها في هذه القصة هو الآتي:
1. هي أن اللاوي لا يجب أن يخدم خارج خيمة الاجتماع مكان العبادة ليهوه إله إسرائيل.
2. أنه محظور على أي إنسان من إسرائيل عبادة الأوثان فكم بالحري إذا كان لآويًا.
3. أن ميخا جعل اللاوي كاهنًا مع أن الكهنة يجب أن يكونوا من عائلة هرون.
4. أن اللاوي يخدم كل جماعة شعب إسرائيل وليس فردًا واحدَا.
المشكلة الأكبر عندما وافق اللاوي أن يُصبح كاهنًا لميخا هو الشعور الذي شعر به ميخا وعبر عنه في الآية 13: "الآنَ عَلِمْتُ أَنَّ الرَّبَّ يُحْسِنُ إِلَيَّ، لأَنَّهُ صَارَ لِيَ اللاَّوِيُّ كَاهِنًا" فميخا أعتقد لأن اللاوي قبل أن يصير كاهنًا خاصًا له أن هذا نوع من أنواع رضى الرب عليه وإحسانه إليه.
فالمشكلة أنه أعتبر أن الله يعمل لأرضاء رغباته حتى وإن كانت خطأ، والأكثر من هذا أنه حاول توريط الله معاه في الخطأ أن الله هو من جعل اللاوي يتقبل أن يصير كاهناً. هذا الرجل ميخا جرح الله لأنه تجاهل كل وصايا الله وأولها الوصية الأولى بالعشر وصايا عن عدم عبادة الأوثان أو تصوير الله بأي شكل، ثم جرحه إذ أعتبره أنه إله متغير يغير كلامه وتعاليمه، وأخيرًا جرحه إذ أعتبره أنه من الممكن أن الله يبارك في أمر خطأ بتسيير الأمور أو تيسيرها.
كثيرون منا يجرحون الله بنفس الطريقة إذ بدلاً من أن يصلحوا طرقهم يحاولون توريط الله معهم بأنه هو من بارك ويسر أعمالهم ورغباتهم المرفوضة. يذكرنا هذا باللص الذي يتسلق العمارات ويعتقد أن الله ييسر له أمره بأن كل الأمور تسير حسب رغبته بدون معوقات أو مشاكل. المشكلة الأكبر أن يكون هذا الجرح من أحد أولاد الله فأحيانًا نورط الله معنا حتى في الأمور الشريرة كما حاول سنحاريب أن يفعل هذا عندما أخبر اليهود أن الله هو من أمره بحصار أورشليم. ملوك الثاني 18: 25 "وَالآنَ هَلْ بِدُونِ الرَّبِّ صَعِدْتُ عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ لأَخْرِبَهُ؟ اَلرَّبُّ قَالَ لِي اصْعَدْ عَلَى هذِهِ الأَرْضِ وَاخْرِبْهَا». ولكن عندما يقوم بهذا واحد من شعب إسرائيل يكون الجرح أصعب. والأشد صعوبة هو أن أحيانًا خدام اللع أنفسهم يحاولون توريط الله في أخطائهم بالخدمة، فمن المؤكد أن اللاوي أيضًا أعتبر الترقية التي حولته من من لاوي لكاهن وزيادة الدخل رضى من الله عليه وكأن الله يضاد نفسه.
لنعيد فحص أعمالنا في ضوء كلمة الله لأن الله لا يتغير، ولا يجب أن نجرحه بمحاولة توريطه معنا في أعمالنا الشريرة.