جرح قبول ترقية العالم للمؤمن
كل إنسان يتمنى أن يترقى من مستوى لأخر على المستوى العلمي أو في العمل، وحتى في المجال الديني فكل خادم يتمنى أن يترقى في خدمته ويتسع وينمو. في العهد القديم كان اللاويون هم عشيرة خدام الهيكل ويخرج منهم عائلة هرون التي منها فقط الكهنة، فاللاوي لا يستطيع ان يكون كاهنًا ما لم يكن من عائلة هرون، فليس هناك ترقيات من رتبة اللاوي لرتبة الكاهن.
في فترة عصر القضاة ما بين يشوع وصموئيل النبي كان شعب إسرائيل يعانون من الابتعاد والارتداد عن الله وعن وصاياه، حتى أن الكتاب وصف اليهود في هذه الفترة بأن: "فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ. كُلُّ وَاحِدٍ عَمِلَ مَا حَسُنَ فِي عَيْنَيْهِ." (قضاة 21: 25). فالسفر كله يحكي قصة انحراف الشعب عن الله.
إحدى القصص الحزينة في سفر ارتداد شعب إسرائيل (سفر القضاة) هي المذكورة في اصحاح 18 والحادثة في بيت رجل اسمه ميخا من جبل إفرايم والذي كان في بيته معبد للأوثان بالرغم من أنه يهودي. وفي أحد الأيام تفاجئ ميخا بغلام لاوي (أي أحد خدام الهيكل مثل الشماس في الكنيسة) متغرب في تلك المنطقة بعيدًا عن بيت لحم مكان بيت الله. فعرض عليه ميخا أن يستأجره ليصير كاهنًا خاصًا له ولعائلاته، فوافق الغلام وفرح بتلك الترقية وبزيادة الدخل المادي. "فَقَالَ لَهُ مِيخَا: «مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟» فَقَالَ لَهُ: «أَنَا لاَوِيٌّ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا، وَأَنَا ذَاهِبٌ لِكَيْ أَتَغَرَّبَ حَيْثُمَا اتَّفَقَ». فَقَالَ لَهُ مِيخَا: «أَقِمْ عِنْدِي وَكُنْ لِي أَبًا وَكَاهِنًا، وَأَنَا أُعْطِيكَ عَشَرَةَ شَوَاقِلِ فِضَّةٍ فِي السَّنَةِ، وَحُلَّةَ ثِيَابٍ، وَقُوتَكَ». فَذَهَبَ مَعَهُ اللاَّوِيُّ. فَرَضِيَ اللاَّوِيُّ بِالإِقَامَةِ مَعَ الرَّجُلِ، وَكَانَ الْغُلاَمُ لَهُ كَأَحَدِ بَنِيهِ. فَمَلأَ مِيخَا يَدَ اللاَّوِيِّ، وَكَانَ الْغُلاَمُ لَهُ كَاهِنًا، وَكَانَ فِي بَيْتِ مِيخَا." (قضاة 17: 9 – 12)
هذه القصة للأسف حزينة جدًا لأن هذا اللاوي (الخادم) ترك بيت لحم وخدمة الرب ليتغرب للعمل وزيادة الدخل المادي، فعندما يترك الخادم خدمة الرب للهدف المادي يكون كمجنون كورة الجدريين الذي كان يجرح نفسه ويبدأ في التنازل وقبول أي أمر حتى لو مخالف للشريعة.
هذا الخادم جرح نفسه بالبعد عن خدمة الرب وأيضًا برضاه أن يأخذ مكسبًا ماديًا بعيدًا عن ما رتبه الله للاويين. والمشكلة الأكبر والجرح الأعمق أن ميخا جعله كاهنًا خاصًا له، وهذا الخادم يعلم جيدًا أن الخادم لا يُستأجر ولا ينفع أن يكون خادمًا لشخص معين كما أن اللاوي لا يصير كاهنًا لأن الكهنة يجب أن يكونوا من عائلة هرون.
فهذا الخادم قبل وفرح بترقية ميخا له من لاوي لكاهن، ولكن ماذا حدث عندما رقاه ميخا؟ لقد تحول إلى كاهن ولكن كاهن لمعبد الأوثان الذي في بيت ميخا...! فقد قبل هذا الخادم الترقية من يد البشر لا من يد الله وعلى خلاف الشريعة. لقد جرح هذا الخادم نفسه لأنه قبل الترقية من يد البشر.
فمن الممكن أن العالم يرقيك من لاوي لكاهن ولكنك ستظل كاهنًا للأوثان، وهذا إنحدار لا ترقية، فترقية العالم إنحدارًا. فلا تقبل ترقية ليست من يد الرب، لأنك بهذا تجرح نفسك وتتحول لكاهن أوثان، كاهنًا للعالم والمال والبشر لا لله.
#جرح_اترقية_لعالم_للمؤمن