ما بين جرح الانقسام وجرح فقدان الهوية
في الفترة الماضية مر المجتمع الكنسي بأمرين مهمين: الأمر الأول هو سلسلة من التصريحات لبعض خدام وقسوس بروتستانت أو إنجيليين بدافع الوحدة والمحبة مع الكنيسة الأرثوذكسية بقبول تعاليم مرفوضة كتابيًا من الكنائس الإنجيلية وترفضها البروتستانتية التاريخية من أول مارتن لوثر 1517 وحتى الآن مثل: (ظهورات العذراء، حضور المسيح في العشاء الرباني بالجسد وكأن هناك عملية تحول تحدث لعنصري العشاء).
فالكتاب المقدس وتعاليمه هو هويتنا كإنجيليين وبدونه نفقد الميزة الأساسية التي كانت تميزنا عن أي كنائس تاريخية أخرى. فالشعار الذي رفعه مارتن لوثر باللاتينية "سولا سكربتورة" "الكتاب المقدس وحده" هو شعار هويتنا الحقيقية. ولا أعرف وإن كنت بالطبع أعرف، لماذا دعاة المسكونية يتخلون عن الكتاب المقدس، ودعاة الليبرالية يتخلون عن الكتاب المقدس الذي شكل أساس للبروتستانتية التي ينتمون إليها.
في المقابل الحدث الآخر حدث نتيجة زيارة بابا الكنيسة الكاثوليكية لمصر وتوقيع ما قيل أنه أتفاق على قبول معمودية كل كنيسة للأخرة. وقد رفض خدام كثيرين بالكنيسة الأرثوذكسية منهم بعض القادة حدوث مثل هذه الأتفاقية ونبرو على ضرورة التعامل مع الكاثوليك على أنهم هراطقة. وقد اضطر البابا أن يوضح الأمر بعد 12 يومًا من الكلام والشجب والرفض أن ما حدث لا يعدو خطاب ودي لتشجيع التعاون بين الكنيستين.
هاتان الحادثتان هما صورة تلخص حال مجتمعنا الكنسي الآن، فهو يسير على حبل، والبعض يسقط في جانب التعصب الأعمى ورفض الأخر وعدم المحبة، والبعض يسقط في الجانب الثاني وهو فقدان الهوية الكتابية والإنجيلية بدعوة المحبة.
بالتأكيد الحادثتان مرفوضتان وذلك لأن عدم المحبة بين الكنائس وبعضها يُهين رب الكنيسة "الله المحبة" ويدلل على أن الكنيسة تسير في طريق آخر غير طريق سيدها. لكن في ذات الوقت فقدان الهوية والتنازلات الكتابية تدلل على أن الكنيسة تسير في ردة للعصور المظلمة والتي تاهت الكنيسة بعيدًا عن دستورها الأصلي والآصيل "الكتاب المقدس" والذي بذل من أجله أجدادنا البروتستانت الغالي والثمين وحتى الدم.
نحن نحتاج إعلان واضح من جميع الكنائس بأن المحبة هي خيارنا الأكيد ويتمثل في قبول واحترام الأخر ومحاولة إيجاد مناطق للأتفاق بيننا جميعًا بروتستانت أو كاثوليك أو أرثوذكس، لكن في ذات الوقت نحتاج أيضًا إلى إعلان أخر ننبر فيه أن الكتاب المقدس لا يمكن التنازل عن أن يكون هو المقياس الأساسي والوحيد لإيماننا وأعمالنا.
فليتنا ككنيسة نتجنب الوقوع في التعصب أو في نفس الوقت نتجنب فقدان الهوية.
#جرح_انقسام_فقدان الهوية#