رُبط ذكريات الجروح
تخيل معي عزيزي القارىء شخص مربوط من يديه ورجليه ويحاول أن يسير، بالطبع النتيجة الطبيعية هي السقوط وعدم المقدرة على التحرك للأمام ما لم تفك هذه الربط. وفي حياة الإنسان رُبط كثيرة تعيق مسيرته، أحيانًا تكون ربُط روحية أو نفسية...إلخ
ومن الرُبط النفسية ما يحدث بسبب الذكريات. ربما الأحداث المؤلمة تنتهي والجروح تندمل وتصبح من الماضي، لكن المشكلة أنه بعد فترة من الوقت يجتر الإنسان هذه الذكريات المؤلمة بجروحها القديمة بسبب أحداث أو ظروف أو أشخاص دعت هذه الذكريات للظهور مرة أخرى، وهذا ما يسميه علماء النفس "التداعي" أي استدعاء الذكريات. ولكن المشكلة تكمن عندما يُربط الشخص بذكريات هذه الجروح فتتجدد آلامها كلما تذكرها وكأنها حدثت الأن.
هذه الربط الناتجة عن الذكريات المؤلمة تعطل الإنسان عن تكملة مسيرة حياته، فتعيقه ما لم يقدر أن يتعامل معها، فهو يحتاج أن يقطع هذه الربط ويجعل هذه الذكريات تفقد قوة تأثيرها عليه، أو يجعلها حافز له للتقدم والنجاح.
أحياناً الشخص نفسه يقتنع باستحالة انفكاك هذه الربط، وأنه سيعيش مستعبد لها للنهاية، فتتحكم هي فيه وهو بالتالي يجب عليه أن يستسلم لها. تحضرني قصة عن أحد الخدام ذهب ليفتقد شخص حياته مدمرة من الرُبط، وتحدث له الخادم كيف أن الرب يسوع قادر أن يحرر الإنسان من ربطه، ولكن هذا الشخص المربوط الذي تشبع من قناعة استحالة تحرره ولُيقنع الخادم ما يعنيه بصعوبة هذه الرُبط، ذهب وأحضر ابنه الصغير وقيده إلى كرسي بحبال قوية، وطلب من الطفل أن يُفك نفسه، فلم يستطع، فنظر هذا الشخص للخادم ليفهمه أن هذا حاله وأنه لا أمل للتحرر. أرتبك الخادم ولم يعرف ماذا يُجيب ولكنه فوجىء بوجود مقص على المنضده، وقاده الروح القدس أن يأخذه ويقص رُبط الطفل فيتحرر في لحظة، ثم قال له وهذا ما يفعله يسوع.
إن أكثر وأصعب وأفظع رُبط ذكريات الجروح التي تربطنا قادر الرب يسوع على أن يحررنا منها. ليس بالطبع المقصود أنه ينزعها من ذاكرتنا، بل أن يفقدها تأثيرها علينا وأن يحولها لحافز لتقدمنا.
فلا تجعل عزيزي القارىء رُبط ذكريات جروحك تربطك وتعيقك بل تحرر الآن، ولتدع الرب يسوع يفك ما لم تستطع أن تفكه، وليحول هذه الربط القديمة إلى طاقة لتقدمك.
ليكن شعارك من الآن....أنا حر في المسيح..