أعتقدتها جروح فوجدتها بثور
عندما مرت مصر بالثورة ثم حكم الأسلاميين وتبعيات ما حدث من أزمات اقتصادية بعضها وصل للبنزين أو أنقطاع التيار الكهربائي، وأيضاً أحداث الأنفلات الأمني والأرهاب وما تبعه من حرق كنائس ودماء في كل مكان طالت كثير من الأبرياء، فقد شعر كل مصري بجروح في داخله نتيجة ما حدث، وأصبحنا كأمة نشعر وكأن جسدنا يسخن بجروحات عميقة من الصعب أن تندمل. وكنت أنا كغيري أرى ما يحدث جراح كبيرة..عميقة..خطيرة
ولكن من مدة قليلة فتح الرب لي باباً أن أزور العراق وخاصة النازحين لكردستان من جراء ظلم عصابات ما يُعرف بالدولة الأسلامية بالعراق والشام المكنية باسم "داعش". مجموعات مختلفة من الإزيديين، الأرمن، الكلدان، الأشوريين وحتى المسلمين جميعهم هربوا بجلدهم...هربوا من القتل أو بتر الأعضاء أو الأغتصاب أو السبي والبيع في سوق النخاسة. الجميع هرب وترك وراءه أرضه التي شب فيها ويعتز بها، ترك بيته الذي تعب في بناءه لمدة سنين وأمواله أو ثروته التي تعب في تجميعها طوال عمره، والبعض ترك جثة أبيه أو أمه أو أخيه أو زوجته أو أبنه ليهرب بثيابه وما أستطاع أن يغامر بتهريبه (مروحة، مرتبة، صور تذكارية).
فعندما رأيت هؤلاء الأشخاص الذين واجهوا هذا الوحش الذي يسمى بداعش والذي لا يعرف أحد من أين آتى ولا من يغذيه حتى يصبح بهذا التوحش ورأيت جروحهم أدركت أن جروحنا في مصر ما هي إلا بثور. وأدركت أن أحد العلاجات المهمة لجروحنا هو أن نرى جراح الأخرين وأن نتوقف عن الأنشغال بأنفسنا وجروحاتنا ونتلامس مع جروحات الأخرين.
وهذا ماحدث على الصليب من رب المجد يسوع ترك جراحه الساخنة من جراء الصليب وأنشغل في جراح أم ترى فلذة كبدها يقتل بطريقة بشعة، وهذا ما علمنا أياه الكتاب: " لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضًا." (فليبي2: 4)
فهذه دعوة لكل مجروح خاصة من أعضاء الكنائس المؤمنين والرعاة والخدام أن نترك جراحنا ولننظر لجروح الأخرين حتى نُدرك أن ما أعتقدناه جراح ماهو إلا بثور بالنسبة إلى جراح الأخرين.